‏ أعظِمْ بكم من شعبٍ يهَب للحياةِ حياتَها !

حاملا بين يديّ عبارةَ محمود درويش: "نحن أدرى بالشّياطين التي تجعل من طفل نبيّا" تابعتُ فيديو يُحاوَر فيه طفلٌ غزّاويٌّ، فلم أعجَب ممّا سمعتُ إذِ الشّيءُ مِن مأتاه لا يُستَغرب. أطفالُ هذه البقعة المبارَكة بقلوب أهلها الصّمّاء وبإيمانهم الشّديد وبتعلّقهم النّادر في زمن "الهشّك بشّك" بالجهاد فرضًا شرعيّا وبالصّبر والاصطبار وصيّةً من ربّ الكون جلّ في عُلاه، هذه البقعة التي كثيرا ما حرّك صغارُها قبل كبارها مياهَ أمّتهم الرّاكدة الآسنة وفضحوا ضعفَ أهلها وهوانَهم وبُعدَهم عن غذاء الرّوح لانشغالهم بأصناف غذاء البطن الملوَّنة المتنوّعة على موائدهم المديدة الصّانعةِ كروشا عجزت العباءات الواسعة عن إخفائها !

يقول هذا الطفل المعلِّم الذي اصطلحت عليه وعلى شعبه في غزّة شرورُ محتلٍّ ما جاد التّاريخ بمثلة رداءةً وقذارةً وتوحّشا تدعمه دولٌ كبرى ومنصّاتٌ إلكترونيّة عالميّة نسكن زواياها المخدِّرة نتلهّى بمغرَيات البطون والفروج ومنتظَمٌ أمميّ جبانٌ وحكوماتٌ عربيّة عميلةٌ. يقول: ربطتُ حجرًا على بطني حتى أشبعَ كما فعل رسول الله ،، هذه شكوانا للنّبيّ الذي قال : ليس بمؤمنٍ من بات شبعانَ وجارُه إلى جنبه جائع وهو يعلم".

صغيري،

لقد أسمعتَ لو ناديتَ حيّا... ولكنْ لا حياةَ لمن تُنادي.

تشبّثْ بحجَرك المشدود إلى بطنك المجوَّع فهو أشدّ لينًا من قلوب أمّةٍ مهزوزة مهزومة طرشاء شاء قدَرُك أن تنتميَ إليها تاريخًا وجغرافيا. حجَرُك الذي عاد به إيمانُك العجيب إلى أسمى خلْق الله نبيِّ الرّحمة المُهداة رافقَ، وسط صمتنا وعَمالتنا وجعجعتِنا التي لا طحْن بعدها، مسيرةَ شعبك الصّامد منذ النّكبة. لقد رجَم به مقاوِمو اليومِ أطفالُ الأمسِ عدوَّكم الخسيسَ فسطّروا الملاحم، واستفزّوا جِنّ الشّعراء ليبدعوا فيهم قصائد المديح الخالدةَ، ونفضوا عن القضيّة غبارَها، وأنعشوها في كلّ ضمير حيٍّ حينما أُريد لها أن تُطمَسَ…

أعظِمْ بكم من شعبٍ يهَب للحياةِ حياتَها ! ما أشدّ حقارتَنا نأكلُ وتجوعون، ونأمَنُ (بين ظفريْن) وتُروَّعون، ونخذل اللهَ وتنصرونه، ونتشبّث بدنيا الفناء وتستعجلون الشّهادةَ من أجل آخرةِ البقاء.

لكَ ولأطفال القطاع المرابط كلّ التّحايا أيّها العظيم. فقط خذوا طريقكم دون أن تلتفتوا إلينا فنحن مرتهنون مشدودون بسلاسل وأغلال ترتسم في الأذهان فتُعيق اليدَ والرِّجل واللّسان.

Poster commentaire - أضف تعليقا

أي تعليق مسيء خارجا عن حدود الأخلاق ولا علاقة له بالمقال سيتم حذفه
Tout commentaire injurieux et sans rapport avec l'article sera supprimé.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات