شهدتْ علاقتي بالتّلفزة سنةً بعد سنة فُتورا متصاعدا، حتّى لم أعد أشاهدها أو أهتمّ بها إطلاقا فخشيتُ أن تنطق يوما بلومٍ توجّهه إليّ تتّهمني فيه بخيانة العِشرة وبجريمة استقدامها إلى البيت (أرى في عينيْها ما مُفاده: لو تركتَني لغيرك يشتريني لوجدتُ في قلبه ما ترجوه كلُّ أنثى من اهتمام واقتراب وتقرّب وعناية !)…
لكنّني حينما وجدتُ نفسي في معتقل المرناڨيّة محالا على مقتضى الفصل المعلوم ألفيْتُ هذه الأنثى اللّعوبَ بقنواتها المفروضة المنتقاة في الانتظار لمحاولة الانتقام منّي. لقد فرضتْ نفسها عليّ فرضَ الشّامت، وسعتْ جاهدةً إلى مضاعفة قهري وتدمير أعصابي بقنواتها التّونسيّة الرّثّة وخاصّة ببلاتوهاتها السّياسيّة التي يحرص شِقّ من النّزلاء على متابعتها شديدَ الحرص…
أثّثَ هذه البلاتوهات القمئة مَن يقبع الآن وراء القضبان (لستُ أدري أَأُشفق عليه أم لا أُشفق. دعْكم من هذا التّردّد الذي ينتابني واحفظوا شيئا من سلامة رؤوسكم مِن الوجَع أيّها المارّون بهذه الكلمات العابرة) وصاحَبَه في التّأثيث مَن يُقعِي (الفعلُ منتقًى بعناية) أمام القضبان من النّاطقين -أكرمكم الله- من أدبارهم (كلّما رأيتُ وجهه تساءلتُ عن سرّ عُرْيه وغيابِ سرواله !).
لقد كنت في البدايات أنزعج ممّا يُصدره من خطاب أخرق أرعن لا يُؤتمَن صاحبُه على شاتيْن في أرض الله الواسعة لو كان الزّمن منصفًا، لكنّني مع مرور الأيّام صرت أتجاهله بلِقاح القراءة فأهرع إلى واحد مّمّا استطعت توفيره من كتُب أسعى إلى وضع جميع حواسّي فيه بما في ذلك حاسّة السّمع التي تتمرّد عليّ أحيانا فيصلني بتمرّدها صوتُ أحد رفاق الغرفة من بسطاء التّحصيل العلميّ يلعنه "إلى العِرْق الحادشْ" كما يقول الكبارُ بلسانهم الدّارج وقد تمنّى أن تنفذَ قبضتُه من بلّوْر الأنثى السّاعية عبثًا إلى الانتقام منّي (التّلفزة المَصون) ليضغط على "زُمّارة" رقبته كي يُسكته إلى الأبد ويُريح نفسه ومَن يشاركُه الموقفَ السّلبيَّ منه إلى الأبد تفاديا للرّوائح الكريهة التي يبثّها في الغرفة المفروضة…
كم يدعو إلى الشّفقة هذا "المحلِّلُ" الغبيُّ الأبلهُ المفضوحُ المتطاولُ وهو القزم الذي خلا له الجوُّ كقُبّرةٍ فباضَ وأصفَرَ ! وكم هي فاشلةٌ في ردّة الفعل هذه التّلفزةُ المسكينةُ !!
* دُورُو= لِمن لم يُدركه، هو قطعة نقديّة تونسيّة ما عادت تنصرف. قيمتها خمسة ملّيمات محتقَرة في زمانها وغير زمانها !