احتضنت القاهرة زمن قُبحي اللّامبارك في 4 ماي 1994 مراسيم التّوقيع على ما سُمّي وقتئذ باتّفاق غزّة- أريحا (جاء في سياق تنفيذ اتّفاق أوسلو بين الفلسطينيّين والصّهاينة، وكان الهدف منه تحديد ترتيبات "الحكم الذّاتيّ" الفلسطينيّ على أرض الواقع في الضّفّة العربيّة وقطاع غزّة كمرحلة انتقاليّة). اُتّفِق على أن يجريَ التّوقيع بين الرّاحل ياسر عرفات رحمه الله وبين رئيس وزراء الكيان الغاصب إسحاق رابين في حفل رسميّ تحضره وسائل الإعلام المحلّيّة والعالميّة اختار حسني مبارك أن يكون يوم عيد ميلاده الشّخصيّ باعتباره إنجازا تاريخيّا !
عندما حان وقت التّوقيع تلكّأ عرفات والوفد المرافق له، فقد تفطّنوا في آخر لحظة إلى أنّ الخرائط المرفقة مع نصّ الاتّفاق تشوبها كثير من الألاعيب والتّزوير من قِبل وفد العدوّ. ظهر الترّدّد والارتباك على الرّئيس الفلسطينيّ، واحتار الصّحافيّون، ونظر رابين إلى المستضيف صاحب عيد الميلاد يطلب حلّا. نهض "الرّيّس" وقد بدت عليه علامات الغضب والارتباك هو الآخر واتّجه إلى عرفات وخاطبه بصوت مسموع: "وقّع يا كلب" !
اضطُرّعرفات وسط الجوّ المشحون إلى التّوقيع على الخرائط. وما كادت تغرب شمس ذلك اليوم حتّى كشفت وكالة الأنباء الفرنسيّة عن تلك العبارة المبتذلة المهينة التي أنكرتها وزارة الخارجيّة المصريّة وأنكرها ياسر عرفات نفسه لكنّ جمعا من الحاضرين اعترفوا بصحّتها ممّا حدا بأبي عمّار المسكين إلى التّصريح بأنّ الخبر لم يكن دقيقا، فدقّقه (وليته لم يدقّق) قائلا: لم يقل لي: "يا "كلب".. بل قال: "يا ابن الكلب" !!!
تاريخٌ مصريّ رسميّ ناصع يستحقّ أن يُذكر فيُشكر... فمتى وجدتم الوقت والعبارة فلا تبخلوا عليه بالثّناء من باب الاعتراف للمحسن بإحسانه على الأقلّ !!!