ما الذي أصاب الغربَ هذه العقودَ الأخيرة حتّى نرى فيه ما لم نر من قبلُ ؟! هل هي لعنة عجز الأخلاق عن مساوقة التّقدّم الفكريّ والتكنولوجيّ في هذا الجزء المهيمن من الكرة الأرضيّة؟! ما الذي دها شعوبَه حتّى توصل إلى سدّة الحكم معتوهًا وخرِفا وفاقدا للأهليّة ؟!
هل هو انحدار منسوبُ القراءة البانية للثّقافة والمعرفة والوعي بما يعتمل في المحيطيْن القريب والبعيد قياسا إلى كان عليه أمرُ أجيال سابقة ؟! هل هي لوبيّاتٌ خفيّة ماسونيّة صهيونيّة تحفر حثيثا في جماجم الرّأي العامّ الحيّة، وتدفع بوسائلها المختلفة (أموال، إعلام، استخبارات...) إلى الرّئاسات مَن يَسهل اقتيادُهم وتوجيههم لصالحها ومصالحها ؟!
يكفيك مثالا لما تقدّم وضعُ دولة عظمى في حجم الولايات المتّحدة الأمريكيّة التي يتسابق من أجل قيادتها وحيازة زِرّها النّوويّ مجرَّبان تعيسان لا يؤتمنان على قطيع إبل أو نحوها: معتوه أرعن داسَ على المؤسّسات الدّستوريّة العريقة بوقاحة عجيبة فأطلق عليها جراد أتباعه المتوحّشين ليَجوسوا خلالها. بل كاد يُشعل حربا أهليّة قد لا تنطفئ..! وخَرِف لا يميّز بين يده اليسرى وأختها اليمنى، يقول كلاما لا يجمع بين أجزائه رابط عقليّ، ويتغوّط في حفّاظاته بحضور ضيوف أجانب أُزكِمت أنوفُهم لكنّهم اثّاقلوا عن الوقوف والمغادرة بفعل قيود البروتوكول الرّسميّة، زد على ذلك سقوطه مرّات على المنصّات وغيرها في ملتقيات منقولة إلى جميع أنحاء المعمورة بالتّقنيّات الحديثة التي عرّت كلّ مستور..!
أعجزَت دولةٌ بذلك الطّول والعَرض والتّاريخ والكفاءات العلميّة عن توفير مترشّحين يمتلكون الحدّ الأدنى من الرّجاحة والرّصانة والتّعقّل من أجل توازن الدّاخل لا الخارج، فسياسة البلد الخارجيّة أَحكَمها قِردٌ أو بشَريّ حكيم تُدار بطريقة معلومة معروفة ليس لنا معشرَ الشّعوب والأنظمة والدّول العربيّة شيءٌ إيجابيّ فيها، فنحن في نحوِها مفعول به فعلا يصل حدَّ الوطء الصّريح في منظور هذه الدّولة الرّابضة على جماجم الهنود الحمر وفي ممارساتها القديمة والجديدة وحتّى المستقبليّة ؟!
المناظرة التي أُجرِيت بين هذين المخلوقيْن الغريبيْن تقف شاهدة على ما تقدّم فق حملت، كما لا يخفى على منابِع، ما لا صلة له بالسّياسة الدّاخليّة والخارجيّة إذ تبادل فيها الرّئيسان النّادران تنابزا بالفضائح الأخلاقيّة وتراشقا بتفاهات تترفّع عنها مومسات لا يعرفن للحياء والخجل سبيلا. على أنّها مناظرة لم تخلُ من تسابق نحو إرضاء الكيان الصّهيونيّ معتاد بدَا فيه أفضلُهما بالنّسبة إلينا أمّةَ العرب المفتونة بالتّبعيّة آكلَنا لكنْ بشيء من لياقة وأناقة وتأنٍّ يُذكر فيُشكر، وتَتبيلٍ ينتزع طعم عارِنا الكريه القاطع للشّهيّة !