لَكَم أشفقتُ على رئيسة البرلمان الفرنسيّ يائيل بارون بيفيت تختلط مشاعرها بين دموع توشك أن تسيل على وجنتيْها قهرا، ولسان لم يدْر ما يقول بل لم يجد ما يفتتح به الجلسة، ووجه يتلوّن كمَدا، وعينيْن تنزلان إلى الورقة الماثلة أمامها لا تجدان حروفها وتختطفان نظرةً إلى القاعة سريعةً هدّها الخجَلُ وخلخلتْها المفاجأةُ، وشفتيْن تصطنعان ابتسامة لا تقوى على أن تكتمل...
صدمةٌ وارتباكٌ صنعهما تشكيل نوّاب يساريّين علَم فلسطين بملابسهم (مجموعات متجاورة بأزياء بمختلف ألوان هذا العلم يقفون معًا مُلهبين القاعة تصفيقا) للتحايل على قوانين الجمعيّة الوطنيّة الفرنسيّة التي مكّنت هذه الرّئيسة المتصهينة منذ أيّام قلائل من طرد نائب لمدّة أسبوعين بسبب رفعه علم فلسطين بذريعة أن القوانين تمنع رفع أيّ علم سوى علم فرنسا والاتّحاد الأوروبيّ…
أيّتها الوغْدة، يا كلّ أوغاد العالم عجَما وعرَبا، لقد تسلّلت القضيّةُ التي ظننتم أنّكم وأدتموها عميقا بسطوة المال والسّياسة والإعلام إلى قلوب الأحرار النّابضة وضمائرهم الحيّة، فما عدتم قادرين على استرجاعها مهما فعلتم.
بوركتَ "طوفان الأقصى"، وبورك حُمق قادة الكيان المغتصِب وداعميه الذين صدّروا للعالم ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر ببال أحد من وحشيّة وغطرسة وقذارة في حقّ شعب أعزل، ومن تعدٍّ صارخ على القوانين والأعراف الدّوليّة والإنسانيّة…
شكرا من أعماق القلبَ يسارَ برلمان فرنسا المتنكّرة لأنوار فلاسفتها ومفكّريها الكبار البُناة… لقد أعطيتم درسا في الثّبات على المبادئ والقِيم والثّوابت الإنسانيّة المشتركة آملُ أن تقرأه ولو سطحيّا أطيافٌ من يسار بلدي الآكلة على كلّ الموائد المعتقدة بما يُضحك أنّ اعتناق الفكر اليساريّ إنّما هو محاربة الإسلام وتجفيف ينابيعه !
لله ما أروع ما شاهدتُ، وما أنبل ما رأيتُ، وما أشدّ عذوبة ما أتاه الرّجال الأحرار في أحد أعشاش الدّبابير المتصهينة الممتصّة لدماء مستعمراتها الكاتمة على أنفاسها من أجل البقاء تحت وصايتها المستدامة عن طريق استخدام نُخَب متناسلة امتهنت الانبطاحَ والطّمعَ والخدمةَ المُذلّةَ على حساب حرّيّة أوطانها وتقدّمها الحقيقيّ لا المزوَّرِ الضّاربِ نسيجَها الثّقافيَّ الهَوويَّ في مَقتل.