إلى كلّ صحافيّ بلع لسانه وقلمه أو وظّفهما للتّزييف وقلب الحقائق:

إلى كلّ طبيب شارك في تعذيب مواطنيه وتزوير شهائد وفاتهم على امتداد العالم العربيّ:

‏حينما تكون إنسانا بما للكلمة من معنى جميل إيجابيّ مقدّس يذوب معه وبه فيك كلّ ما يهزّ هذه الصّفة وينأى بها عن الحقد والكراهيّة والانتماء الدّينيّ أو المذهبيّ أو الأيديولوجيّ أو السّياسيّ أو سيلان اللّعاب من أجل دريهمات مهما كثرت تظلّ حقيرة محقِّرة، تهبُنا رجلا مثل "جدعون ليفي" الصّحافيّ الإسرائيليّ الشّهير صاحب الحسّ الإنسانيّ الاستثنائيّ.

لقد إعتاد هذا الرّجل كما يعرفه المتابعون أن يفضح عنصريّة بلاده ومجتمعه وساسته وأجهزة جيشه وأمنه. ما كتب في مقاله بـ"هآرتس" مؤخّرا حول الدّكتورعدنان البرش الطّبيبِ الفلسطينيّ واحدة من آيات الانتماء الإنسانيّ الصّميم الذي يقفده أبناء الشّعب الواحد في البلد الواحد والذي بفقده حوّلْنا أوطانَنا إلى جُزُر وشعوبَنا المنسجمة إلى مِلل ونِحل.. وإلى "مَلّاك" و"كرّاي" وإلى" خُلق ليُسجن" مقابل "خُلق لينعَم بوظائف البلد ومدّخراته وسلطته ونفوذه"…

لقد كتب ما لم يكتبه الفلسطينيّون أنفسهم تحت عنوان "وماذا عن المعتقلين الفلسطينيّين؟"، فقال:

"كان الدّكتور عدنان البرش رئيسا لجناح العظام في مستشفى الشّفاء بمدينة غزّة. خلال الحرب، كان عليه أن يتجوّل من مستشفى إلى آخر، حيث تمّ تدميرها جميعا على يد جيش الدًفاع الإسرائيليّ. ولم يعد إلى منزله في جباليا منذ بداية الحرب، وفي ديسمبر الماضي اختفى كلّ أثر له. وتبيّن مؤخّرا أنّه تُوفّيَ في أحد السّجون الإسرائيليّة، على ما يبدو بسبب التّعذيب والضّرب أثناء التّحقيق معه. وكان آخر من رآه أطبّاء ومعتقلون آخرون تمّ إطلاق سراحهم. وأخبروا مراسليْ صحيفة "هآرتس" جاك خوري وبار بيليج أنّهم بالكاد تعرّفوا عليه. "كان من الواضح أنّه مرّ بالجحيم والتّعذيب والإذلال والحرمان من النّوم. ولم يكن الشّخص الذي نعرفه، بل كان ظِلّا لنفسه". تعرّض للضّرب والتّعذيب حتى الموتِ في أحد السّجون الإسرائيليّة.

هذا لم يُطلق الإنذارات هنا [يعني داخل الكيان]. جميعُ زملائه الأطبّاء تقريبا، بما في ذلك رؤساء المؤسّسات الطبّيّة وأولئك الذين يشاركون في عملّيات التّعذيب المروّّعة الجارية في قاعدة سدي تيمان وفي السّجون الإسرائيليّة، لم ينْبِسوا بكلمة واحدة".

"وماذا في ذلك؟ ففي نهاية المطاف، قُتل ما يقرب من 500 طبيب وعامل طبّي في الحرب ولم يُثر مصيرهم أيّ اهتمام. فلماذا يجذب موتُ البرش أيّ اهتمام؟ لأنّه كان مدير قسم؟ لم تُثر أيّ جريمة حرب ارتكبتها إسرائيل في غزّة أيَّ مشاعر هنا في إسرائيل، باستثناء الفرحة التي يشعر بها اليمين المتعطّش للدّماء"."لماذا لا توجد لافتة واحدة في "ساحة الرّهائن" في تلّ أبيب تدعو إلى التّحقيق في مقتل الطّبيب من غزّة؟ هل دمُه أقلّ حُمرة من دماء الرّهائن الذين ماتوا؟ لماذا يجب على العالم كلّه أن يهتمّ ويعمل فقط من أجل رهائننا، وليس من أجل الرّهائن الفلسطينيّين الذين يجب أن تُرعب ظروفُ سجنهم وموتهم في السّجون الإسرائيليّة الجميعَ؟".

إنّها لَرسالة عميقةٌ تأتينا من قلب الكيان الغاصب المتوحّش لتفضَحنا قبل أن تفضحه ولتعرّيَنا قبل أن تعرّيه. فهل من مُدّكر؟!

Poster commentaire - أضف تعليقا

أي تعليق مسيء خارجا عن حدود الأخلاق ولا علاقة له بالمقال سيتم حذفه
Tout commentaire injurieux et sans rapport avec l'article sera supprimé.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات