موازاةً مع ما تشهده غزّة وأهلها ومقاوموها من شظف في العيش شديد خلال هذه المعركة الفارقة وقبلَها بسبب الحصار الاسرائيليّ الجائر المضروب عليهم قصد تجويعهم ومنع أبسط متطلّبات الحياة المكفولة بالقوانين والأعراف والأخلاقيّات الدّوليّة عنهم، والذي تورّطت فيه مصر السّيسي بكلّ وقاحة وتجاهل أرعن للمشتركات : الإنسانيّة والأخوّة والجوار والعروبة والإسلام... موازاةً مع هذا تظهر زهوة ابنة الرّئيس المقتول ياسر عرفات في العاصمة باريس في أبهى حُلّة داخل أفخم المطاعم والمقاهي على طاولة فاخرة تنتشر فوقها كؤوس أنيقة...
والدتُها التي أوصى بها وبابنته خيرا لدى المخلوع في تونس التي احتضنته ورفاقه ولم تفلح في حماية بعضهم لأسباب يطول شرحها سرعان ما وجدت نفسها مسلوبةَ الجنسيّة التّونسيّة المهداة زمن الصّفاء ومتّهمةً بالفساد ومواجَهةً ببطاقة جلْب دوليّة بعد أن شفطت لها "سيّدة تونس الأولى" أموال مشروعهما الاستثنائيّ المشترك (مدرسة تونس الدّوليّة)، واضطرّتها إلى المغادرة إلى مالطا... (لا نستغرب أسبابا أخرى أشدّ قذارة لتفسير بعض ما حدث).
ما نراه اليوم من بذخ الأرملة وابنتها لا يستقيم، فالزّوج والوالد رحمه الله كان، على أخطائه التي تخلّلت مسيرته النّضاليّة، يكاد يكون متقشّفا زاهدا، فأرملته الجميلة الأنيقة التي تزوّجته عن سنّ السّابعة والعشرين كانت محبّة للحياة حريصة على تغيير أزيائها ذات الماركات العالميّة الشّهيرة في حين كان هو رحمه الله لا يكاد يفارق بدلته الخضراء الشّهيرة، وهو ما اشتكت منه في بعض حواراتها الصّحافيّة الموثَّقة.
لقد تزوّجها سرّا (كان رفاقه في "فتح" المناضلة قبل أن تدير ظهرها لمّا أضحت "عبّاسيّة" "أبا مازنيّة" رافضين فكرة اقترانه خوفا من انصرافه عن القضيّة، ولم تكشف عن زواجه سوى صحيفة عِبريّة)، تزوّجها عن حبّ، وقبلت به باعتباره زعيما، وشاركتْه بيتَه في تونس فلم تجد فيه كلّ ما كانت تأمل إذ كان يصرف أغلب وقته في الانشغال بالقضيّة…
رحم الله عرفات ورفاقه الذين قضوْا من أجل التّحرير، ولْتَزهُ "زهوة"، ولْتسْهُ سُهى، فللقضيّة شعبٌّ صوّام قوّام يحميها، ومقاومون أتقياء أنقياء أعدّوا ما استطاعوا فلقّنوا عدوّهم دروسا غير مسبوقة في المواجهة المسلّحة يَحْدوهم إيمانٌ بالله سبحانه في أعلى ذُراه.