رحم الله النّواسيّ الشّاعر صاحب البيت الشّهير: "عبّاسُ عبّاسٌ إذا احتدم الوغى والفضلٌ فضلٌ والرّبيعُ ربيعُ".
دعْك من الجناس الذي يطبع هذا البيت الشّعريّ المُجيد، ودعْك من عبّاس بغداد القرن الثّاني الهجريّ، واذهب معي إلى عبّاس فلسطين القرن الحادي والعشرين الميلاديّ ذي الصّولات والجولات في الانبطاح والوشاية وحراسة أمن "إسرائيل".
بين الأوّل، إن صدق ابن هانئ، والثّاني ما بين السّماء والأرض.
عبّاس فلسطين المنكوبة يتوخّى سياسة النّعامة فلا صلة له بالوغى المحتدم منذ عقود على أرضه وأرض أجداده المغتصَبة التي يذود عنها الأحرار والأبرار والأخيار... عبّاسُ فلسطين الذّبيحة يستمتع بكرسيّ الرّئاسة الدَّوّارالهَزّاز في رام الله رئيسا لسلطة بلا سلطة بعد أن أقعده عليه الكيان الغاصب خلفًا لأبي عمّار الذي أنهى تجربته المشوبة ببعض أخطاء بشرَف الانحياز إلى شعبه وقضيّته حتّى حُوصر في بناية لا تتجاوز بضعة أمتارمربّعة بلا طعام ولا ماء اضطُرّ داخلها، كما قالت بعض المصادر، إلى شرب بوْله قبل أن ينتهيَ رحمه الله مسمَّما من طرف أحد حرّاسة ذوي المروءة المفقودة.
عبّاسُ فلسطين الشّهيدة تصحّ فيه بامتيازعبارة مظفّر النّوّاب: "ما أقبحَ الكُروشَ من أمامكم... ما أقبحَ الكروش من ورائكم" ! عبّاسُ فلسطين المرابطة بأشرافها لا يملك السّيطرة على مقطوعته الجغرافيّة الضّيّقة التي ينتهك حرمتَها جنود الإحتلال فيجوسون خلال ديارها متى شاؤوا، ويصفعون، متى احلولى لهم الأمر، أعوانَ حرَسه وضبّاطَه المتعاونين بصفاقة نادرة مع العدوّ ضدّ أبناء وطنهم على أقفيتهم المزدادة غلظة وسُمكا كجلود التّماسيح.
هل يسمح لي أبو نواس،ختاما، أن أُنهيَ باستبدال صيغة المبالغة (عبّاس الثّانية) بصيغ مبالغة أخرى من قبيل: عبّاس "عسّاسٌ".. عبّاس "دسّاسٌ".. عبّاس "خنّاسٌ".. عبّاس "تيّاسٌ" ؟!
قد يغفو التّاريخ قليلا لكنّه لا يضيع عمل عامل أيّها الرّجل ومن سارعلى دربك في خيانة أرضكم وشعبكم وقضيّتكم المقدّسة !