في الأيّام الأولى للثّورة، جميعنا نتذكّر تلك الحملة القذرة الّتي قامت بها قناة حنّبعل لباعثها، من أجل بثّ الرّعب وتخويف النّاس وتحويل الثّورة إلى حرب أهليّة... وأذكر جيّدا كيف اتّصل هشام رستم، وهو يصرخ في الهاتف ويستغيث، "إنّهم يحاولون اقتحام بيتي، إنّهم يخلعون الباب... يحبّوا يقتلوني..." يسأله المقدّم : من هم؟ فيجيب: الإخوانجيّة طبعا، من غيرهم؟
اليوم شاهدت فيديو لزوجته، تتهجّم على فرقة عربيّة ضيفة بكلّ تقوعير وقلّة حياء وقلّة ذوق، وتقول ـ من ضمن ما تقيّأت ـ" نحترم اللّي يحترم ربّي" !!!
دعنا من سلوكها البربريّ تجاه الفرقة، فقد تكلّم فيه الجميع، وأنا ألتمس لها ألف عذر في ذلك، فأعضاء هذه الفرقة ليسوا من الهيب هوب، ولم يجلسوا أمام مدير المهرجان بالخلعة والشّورت والشّلاكة، يثنون رجلا فوق الكرسيّ ويرخون أخرى، وهم لا يلبسون تلك السّراويل النّازلة الكاشفة عن مؤخّراتهم... هي معذورة تماما...
منظرهم في تلك القمصان وكياستهم ولطفهم وأدبهم، لا شكّ أنّ كلّ ذلك قد أصابها بالصّدمة وسبّب لها ارتجاجا في المخّ، ومن الطّبيعيّ أن تتصرّف بذلك الشّكل وتردّ الفعل بتلك الصّفاقة والعجرفة وقلّة الحياء…
أسمع طول حياتي عن طاعة الله، عن محبّة الله، عن معصية الله، عن تقوى الله، لكنّها المرّة الأولى التي أسمع فيها عن احترام الله...
الاحترام في حدّ فهمي وإدراكي المتخلّف، هو علاقة تفترض النّدّيّة، ولذلك يختصّ بها البشر، ولم أسمع قبل اليوم بمن يتحدّث عن "احترام ربّي"، والاحترام مثلما يعطى يمكن أن ينزع، ولذلك كانت العلاقة شرطيّة: من يحترم يُحترمْ!"
هذا ركن آخر من أركان الإسلام التّونسيّ النّمطيّ: المساواة بين العبد وربّه!، لأنّ العلاقة بينهما علاقة احترام متبادل وقدر، واللّي يطيّح القدر يعامل بالمثل...
أيّ جنون هذا وأيّة فوضى وأيّة مسوخ تسبح معنا في نفس المجال الجوّيّ؟
تهانينا لهشام رستم، بنجاته من الخوانجيّة، وحصوله على زوجة "تحترم ربّي".