ذات عام، قال أحدهم معلّقا على إحداث لجنة ثقافيّة بجهته: "شنوّة الثّقافة اللّي عندنا احنا غير الطبلة والزكرة؟، علاش الطّبابليّة والزّكاكريّة متاع الجهة ماهمش موجودين في اللّجنة؟"
صدق الرّجل، وكذب الزّناطم والرّباعم.
عندما تكون في بلد لم يعرف من السّنما سوى الأفخاذ المترهّلة المعروقة ورائحة الوشق والدّاد وقرقعة الأسطل في حمّامات المدينة ، ومن الموسيقى سوى مقامات الطّحين والتّزعبين والحشّاشين، ومن الشّعر سوى سردكة البطّ ولعوكة المزاغين وحمحمة الحمير الّتي لا تعرف الخيانة الزّوجيّة، ومن المسرح سوى التّجريبي والتّجعيبيّ (نسبة للجعايبي).
عندما تكون في بلد لا يعترف سوى بمثقّفي الزّطلة والبيرّة والجنس الرّخيص وهزّ الأرداف وتحميض الكليشيهات القديمة والدّعم الحرام والتّربرب على الشّعب وتدوير عجلة الفساد وحلب الدّولة في مهرجانات الفراغ .
عندما تكون لديك دولة ترعى ثقافة الإقصاء والتّعالي والتّزوير والتّعمية والتّغييب والتّهميش وتستثمر في الجهل وتوسّم مصّاصي الدّماء وحفّاري القبور ولاعقي الأحذية.
عندما تكون في بلد، تموت فيه النّساء قبل الوصول إلى أسرّة الولادة، وتحترق فيه أكباد الأمّهات على جثث أبنائهنّ في بطون الحيتان…
ثمّ يأتي من يحدّثك عن الثّقافة ويبني لها مدينة بمئات المليارات، بها قاعة للعروض الأوبراليّة بها 1800 مقعدا، وأوديتوريوم ومسرحا تجريبيا و7 أستوديوهات لإنتاج الموسيقى والمسرح والرقص وميدياتاك وسينماتاك ومحلات تجارية وبرج ارتفاعه 60 مترا…
عندها … لا تملك إلاّ أن تقول: ألا لعنة الله على ثقافتكم وحضرتكم وحضارتكم الّتي لا تشبع سوى بطون السّماسرة وجيوب العاهرات .
فاسدون… فاسدون… فاسدون!
تبّا… إلى يوم تبعثون.