يسألونك: لماذا دائما تكذّبون ما نقول؟

Photo

يسألونك: لماذا دائما تكذّبون ما نقول؟

قل: لأنّكم دائما تكذبون.

ويسألونك: لماذا دائما تقول أخرج من سياقه؟

قل: لأنّكم أبناء كلب ودائما تخرجون الكلام من سياقه.

هذا هو الحال.

لا تكذبوا وسنكفّ عن تكذيبكم. هذا هو المطلوب بكلّ بساطة .أنتم تشوهوننا بما ليس فينا ونحن نسبّكم بما هو فيكم.

شنوة الصّعيب في الحكاية هذي؟؟

اللّغط الكثير الّذي أثاره تصريح مفترض لنور الدين البحيري، وخاصّة تدوينات بعض الأصدقاء الثّقات، جعلني أستنفر كلّ حواسّي للرّدّ عليه بأقسى ما يكون، إن صحّ أنّه يدعو إلى هدم منظومة التّعليم العموميّ، ويفتي بالخوصصة أو التّهميش أو ما شابه. ولكنّ مناسبات كثيرة سابقة، بيّنت بكلّ وضوح أنّ تصريحات قادة النّهضة فيها العسل، وأنّه وقع في كثير من الأحيان التّلاعب بعقول المتلقّين بمجرّد عنوان مضلّل، أو هو يوحي إيحاء مضلّلا، فتريّثت قليلا حتّى أبحث عنه وأسمعه، وذهلت حقّا...

كيف صار فعلا بالإمكان إثارة العجاج من العدم، وتصيّد الخصوم من ألسنتهم بعقليّة قاتلك قاتلك، ويا لها من عقليّة خسيسة دنيئة أو هي جاهلة متعالمة في أخفّ تقدير. (لا أقصد هنا من أعرف صدقهم ونزاهتم من الأصدقاء، هؤلاء يدخلون في باب سوء الفهم والتّأويل حسب اعتقادي) نور الدين البحيري قال كلاما كثيرا لم يسمعه هؤلاء، في تشخيص الوضع المزري الذي صار عليه التعليم في تونس، بمدارسه وتجهيزاته وبرامجه وإطاراته العاملة...

التقطوا فقط عبارة "الدّولة لم تعد قادرة على ضمان التّعليم المجانيّ للجميع"… ولم يفهموا أنّ هذا داخل في إطار التّشخيص وتقرير ماهو واقع، وليس في إطار اقتراح تخلّي الدّولة عن دورها…

الثّورجيّة العمياء تمنعنا من قراءة الوقائع والإحصائيات والجداول البيانيّة النّاطقة بكلّ اللّغات… فهل يعتقد من ينتصب قاضيا وحكيما بأنّ الدولة فعلا قادرة على توفير التعليم العمومي النوعيّ؟
لا نتحدّث هنا عمّا يجب أن يكون، فذلك بيننا وبينه سنوات وثورات في مجال مقاومة الفساد والحوكمة والإصلاح وتنمية الاقتصاد المنهار منذ سنين…

نتحدّث عن تقرير الواقع المعيش، هل الدّولة قادرة فعلا، بظروفها التي نعلم على توفير خدمة التعليم العمومي الراقي، والعلاج النوعي، والأمن الكامل؟ لو كان الأمر كذلك لكان فائض الميزانية 60 ألف مليار، لكنّ الواقع أنّ عجزها 6 آلاف مليار، وأنّ ميزانية التربية تحتاج إلى كامل ميزانية الدولة فقط لضمان التعليم العمومي الجيد…

ستتحدثون عن الفساد وغيرو، نحن لم نختلف، والفساد في كلّ خلية مجهرية من خلايا الدولة ومقاومته ستحتاج إلى عقود، ولكنّنا في الأثناء أمام مشكلة راهنة وملحّة، وهي أنذ الدولة غير قادرة فعلا على توفير هذه الخدمة بالشّكل الأمثل، فما هو الخطأ فيما قاله البحيري كي تقوم عليه كلّ هذه الحرب البائسة؟

ثمّ ما هو الخطأ في أن يقترح نظام الاقتصاد التضامني ، الذي هو حلّ قائم في كلّ البلدان المتقدّمة، إضافة إلى تحمّل جزء من العبء من طرف المؤسسات الخاصة؟

بعض الناس يريدون أن يقولوا لنا ببساطة، إنّه مادام حلّ مشكلتك يستوجب حلّ كلّ مشاكل العالم، فيجب أن تبدأ بحلّ كلّ مشاكل العالم قبل أن تفكّر في حلّ مشكلتك. يعتقدون أنّ هذه هي المنهجيّة الصّحيحة لتسيير الدّول. يقلّك حلّ مشاكل الفساد والسرقة والنهب والاقتصاد البارك والجباية والعقليّة والوضع الدّوليّ ومشاكل الدينار والتضخّم والإضرابات وووو … توّ تتحلّ مشكلة التّعليم بطبيعتها… طيّب وفي انتظار ذلك ماذا نفعل؟ نكذب على أنفسنا ونقول الدولة قادرة ولا نحتاج إلى حلول أخرى؟


Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات