يسألونني دائما: لماذا تدافع عن النّهضة بهذا الوجه المكشوف؟

Photo

يسألونني دائما: لماذا تدافع عن النّهضة بهذا الوجه المكشوف؟ أنت كاتب، ومن مصلحتك أن تبقى في منطقة الظّلّ، المنطقة الرّماديّة العاتمة، كي تكسب اعتراف الجميع، وودّ الجميع. ألا تخشى أن توسم بأنّك إسلاميّ فتحشر في الزّاوية، وتهمّش وتقاطعك إذاعاتهم وتلفزاتهم ومهرجاناتهم وملتقياتهم وصحفهم ونقّادهم ووزارتهم؟ أليس من مصلحتك أن تتظاهر دائما بالاستقلاليّة والحياد واللاّإنتماء كي "تسلّك أمورك" واللّي في القلب في القلب؟

أقولها بوجه مكشوف أيضا وبالصّوت العالي:

هل رأيتم يوما كاتبا يساريّا مشهورا أو مغمورا يخجل بيساريّته؟

هل رأيتم يوما كاتبا قوميّا مشهورا أو مغمورا يخجل بقوميّته؟

أنا أيضا لا أخجل بإسلاميّتي أبدا، ويحقّ لي أن أتشرّف بها أكثر منهم جميعا، لأنّها كانت دائما رديفة للنّضال والمواقف الإنسانيّة المتحرّرة الشّجاعة.

لم أنتم للنّهضة إلاّ عاما واحد، سنة 2013، رغم أنّي سجنت لنفس أسبابها وفي ذات الإطار. وليس في حياتي كلّها ما أخجل منه أو أندم عليه كي أخفيه. وليس فيها أيضا ما أطمع فيه من أحد فأتّخذ له أسلوب التّقيّة والتّستّر والتّمويه.

ليس لي سوى حياة واحدة، وأدرك أنّها قصيرة مهما طالت، ولذلك أريد أن أعيشها حياة كاملة متحرّرة من الطّمع والخوف والارتهان لأيّ أحد.

أنا كاتب أدّعي أنّني أكتب بعمق إنسانيّ متحرّر من كلّ أمراض الحقد والكراهية والأنانيّة والإقصاء، وخلفيّتي الإسلاميّة لا تعني سواي، مثلما أنا لا أسأل أحدا عن خلفيّته اليسارية أو القوميّة أو الشّيطانيّة أو اللاّأدريّة…

كلّ من يتعامل معي ويدعوني باحترام على هذا الأساس، أتشرّف بدعوته وأسعى إليه بوجه مكشوف ورأس مرفوع.

وكلّ من صنّفني وحاصرني وقاطعني على ذلك الأساس، لا أتشرّف به ولا أتفضّل بالنّظر إليه بطرف عين ولو كانت في يديه خزائن السّماوات والأرض…

هل هناك وضوح أكثر من هذا؟

بإذاعاتهم وتلفزاتهم وصحفهم ومهرجاناتهم ووزارتهم ونقادهم وذبابهم وكلابهم…

هل هناك ـ مرّة أخرى ـ وضوح أكثر من هذا؟

لم أدافع يوما عن النّهضة بصفتها إسلاميّة، ولم أدافع عنها في المطلق أبدا… دافعت عمّا أراه حقّا فيها أو في غيرها، وصفعت كلّ ما رأيته باطلا فيها أو في غيرها، وقد أكون أخطأت التّقدير يوما مثلما تخطئون جميعا، لكنّني ظللت دائما وفيّا لنفسي صادقا معها محكّما ضميري قبل عقلي وقلبي معا…

هذا بيانٌ ولي من بــــــعدهِ سببٌ *** إنّي إليهم سبقتُ السّيف بالـــعذَلِ

لي عُدَّتِي ولهم في الحربِ عُدَّتُهُم *** من كان يطلُبُنِي فلْيَعْتَرِضْ سُبُلِي

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات