يوم دون قتل

الأحد 19 يناير تدخل اتٍفاقيّة وقف الحرب بين المقاومة والكيان حيّز التّنفيذ ، بعد خمسة عشر شهرا من عدوان غاشم وباطش، لم يبق ولم يذر لأيّ شيء من مظاهر الحياة، دكَ البشر تحت الحجر واشعل المحارق واحدة تلو أخرى ولم يبال بأيّة قيمة إنسانيّة ولم يكترث لأيٍ وازع أخلاقي او قانوني ، لأنّه جعل نفسه اسير شهوة الإنتقام.

يحتاج الأمر بعد دخول الإتّفاقيّة حيّز التّنفيذ إلى اسابيع لدخول المساعدات وإلى أشهر لدخول الخيام وإلى أعوام لتأهيل المستشفيات، ولكنّ رفع الانقاض ربّما يحتاج عشرات السّنين، قد تكفى لإحاطة غزّة بسلسلة جبال اصطناعيّة، أمّا الإعمار وإعادة غزّة كما كانت قبل العدوان فقد يحتاج إلى نصف قرن، إن جرت الأمور دون عراقيل من الإحتلال، لعلّ أبرزها، التّلكّؤ في فتح المعابر والتّهديد بتفكيك مؤسّسات الأونوروا،وربّما العودة إلى الحرب بعد استعادة اسراهم.

مع توقّف الحرب، سيكتشف العالم هول الدّمار الذي لحق غزّة. أمّا ما قد يغنمه المواطن الغزّاوي من هذه الإتّفاقيّة ، فهو خلود البعض لنوم عميق، حرمه طيلة مدّة الحرب. الآن فقط يستسلم لنوم بلا خوف من صواريخ ولا مسيرات ولا طائرات تقذف حمم الموت أطنانا على رؤوس الأطفال والنساء. قد يذهب آخرون للبحث عن أثر ما يدلّهم على مساكنهم أو ما بقى من متاع عبثت به صواريخ الموت ومسيّرات الإبادة، وربّما فكّر آخرون في الذهاب إلى البحر للصّيد بعد مسغبة، قتلت منهم مثلما قتلت الطّائرات والصٍواريخ. وربّما ذهب آخرون للحفر تحت الأنقاض بحثا عن عظام أحبّاء لهم، لم يتسنّ لهم توديهم وتشييعهم بما يليق بكرامة الإنسان الذي كرّمه خالقه حيّا وميّتا.

فرحة وقف الحرب لا توصف عند من كابد أهوال العدوان ولكنّ المأساة عميقة وعظيمة، يحتاج اهل غزّة إلى سنوات عديدة للتّعافي من آثارها. إنّها الحرب الابشع والأقسى في تاريخ البشريّة، حرب لم تكن متكافئة ولا يوجد فيها الحدّ الأدنى من التناسب ورغم ذلك فإن الجانب الاضعف أوجع عدوٍه بقدر ما نال منه، وصمد وصبر دون أن يرفع الراية البيضاء وفرض عليه الجلوس للإتّفاق وانزله من الشّجرة ليتنازل عن احلام بمثل الأوهام.

Poster commentaire - أضف تعليقا

أي تعليق مسيء خارجا عن حدود الأخلاق ولا علاقة له بالمقال سيتم حذفه
Tout commentaire injurieux et sans rapport avec l'article sera supprimé.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات