إلّي يعجبكْ في عصر السرعة والأنترنات متاع القرن 21 أنّ الأحداثْ الراهنة تعطيكْ في الحالْ مفاتيح فهْم الأحداث السابقة وبكلّ وضوح يا بوقلبْ!!! مسألة فكّ الرموز وتفسير الأحداث واكتشاف أسبابها الخفيّة ومعرفة الحِبْكة و"الأبطال" والمخرجين... ما عادش تحتاج أجيال وعقود من الزمن... في بعض الأحيان بعض الأسابيع او الأشهر... وكان طالت عويّمْ ولاّ عامين والريحة تفوح... حتّى هو الشيّْ ولىّ "عينوني"…
مثلا اغتيال الشهيدْ البطلْ محمد الزواري وطريقة تعامل ما يسمّى بالدولة التونسية وإعلامها وأحزابها السياسية تخلّيك تفهم بدون عناء "سرّ" عدمْ تمريرْ قانون تجريم التطبيع مع الكيان الصهيوني من قِبَل المجلس التأسيسي.. . الراجل مواطن تونسي عندو ماضي وتاريخ وملتزم بقضية فلسطين... الي هي حسب ما نعرف قضيتنا المركزية... والّي برشا توانسة استشهدوا في سبيلها منذ البداية... من عام 48... أكثر من هكّا... الراجل متألّق في مجال استراتيجي وحربي... ويعمل مع المقاومة الفلسطينية... أكثرشْ من هكّا شرف ومجد وبطولة ورجوليّة؟؟؟ زيدك زيادة... الراجل ما هبطشْ فجأة من المرّيخْ... وما نتصوّرشْ جماعة النهضة، على الأقلّ في جيهتو ما يعرفوهوش وما عندهم عليه حتى فكرة... باهي... الراجل يقع اغتياله في وضح النهار، ويتعدّى نهار ونهارين وثلاثة والناس حايرة... زعما شنوا قصّتو؟؟؟ وفي الأخير يطلع المرحوم شهيد وبطل... من بعد ما تِتْلفّْ الحكاية وتتقرطسْ ويتدفنْ على جناح السرعة وفي كنف السريّة والتعتيم متاع اعلام القحب والتبهيم الممنهج!!! بالطبيعة "المسؤول الكبير" الّي قراهم ووراهم آش يتعمل وآش ما يتعملش... ما يروقلوش يشوف جنازة وطنية متاع شهيد تونسي في قضيّة مرتبطة بفلسطين... ديجا حتّى يسلّكوها شهداء تونس في قضية داخلية متاع نضال ضد الفساد والديكتاتورية... هوما بيدهم تنساو... لا والله ثمّة شكون طلع يسبّْ فيهم في العلن... سرّاق وزوفّرة قالّك!!!
من بداية الثمانينات وانا حاير في الحكاية هاذي بالذاتْ... كيفاش الاسلاميين في تونس قاعدين يقدّموا في الشهداء بالعشرات في قضايا عادلة تعيط يا بابا يامي... بداية من الحركة التلمذية عام 81، ثمّ ثورة الخبز والحرية عام 84، ومن بعدها أحداث عام 87، وفي التسعينات ما قال حدّ لحدّ... كيفاش ها الجحافل من الشهداء ولا من سمعْ ولا من راى... تقولش عليهم موش تابعينهم... ولاّ حاشمين بيهم... كنتْ نربط في الحكاية بمجرّد بهامة... وضعف فادح عند القيادات الاسلامية في مسائل "الكومينيكاسيون" والثقافة الثورية... والثقافة عموما... خاصة اذا نقارنوهم باليسار... اليّ يكفي يموت مناضل واحد من مناضليهم باش يقيموا الدنيا ويقعدوها... وهذا من حقهم... أشعار... صور... رسوم... أغاني... مسرح... أفلام... الخ... ياخي شويّا شهيد؟؟؟؟ علاش اسمو شهيد أصلا؟؟؟ تي ماهو باش يبقى شاهد على الظلم وعلى المآسي... تي الحكاية مذكورة في القرآن يا بوقلبْ... "أحياء"... "يُرزقون"... لا... توّا "المسؤول الكبير" يتنبزْ... وياخذ علينا فكرة خايبة... نحنا عاقلين خاطينا لا نخبشو لا ندبشو…
مثال ثاني: الوضع العام اليوم في البلاد يخلّيك تفهم بدون عناء علاش لم يتمّ تمرير قانون تحصين الثورة من قبل نفس المجلس التأسيسي... يجي منّوا بلاد من غير دساترة وتجمعيين وفسّاد ومرتشين؟؟؟ يجي منّوا رجال أعمال يحترمو القانون ويخلّصو شويّا ضرائب؟؟؟ بعيد الشرّ!
مثال ثالث: اليوم بات واضحا بما لا يدع مجالا للشكّْ بأنّ "الفاعلين" في الساحة السياسية في البلاد من يسارهم الى يمينهم الى وسطهم هم مجرّد "كومبارس"... بيادق... يعملون بإمرة "المسؤول الكبير"... ولكي يتسنّى لهم أداء وظيفتهم بدون "شوشرة" هم محتاجون في أحزابهم ومنظماتهم لا إلى قواعد ومناضلين، بل إلى مجرّد قطعان... نعم قطعان... جمع قطيع... ولا أحترم أحدا!!! جابوها لرواحهم؟؟؟ آش لازّهم؟؟؟ لازم عليك تدخل في حزب؟؟؟ إذا باش تتخلّى على مخّك وإرادتك... وهاذاكا علاش في تونس داخل الأحزابك لا ديمقراطية ولا يحزنون... تكمبين، وتعيين، وتلحيس، وصناديق سوداء... وزيدهم "حشية" "التشبيب والتأنيث"... و"حشية" الدورات والتربصات والكوتشينغْ في "السياسة"... لين البعض ولاّو يحطوا في تصاور "ديبلوماتهم" في "القيادة السياسيّة"... شيّ يضحك ويعمل الجايرْ...
اذا ما استمر الأمر على هذه الوتيرة (والأرجح أنه سيستمرّ) ما سيأتي مستقبلا أدهى وأمرّ…
البلاد فقدت سيادتها في الخارج... وفي الداخل ترتع فيها المخابرات والاجهزة المختلفة والمافيات والكومبارس... بخلاف جحافل اللحاسة والقوّادة والمتسلّقين والمتموقعين وجماعة السياحة الحزبية…
لتعلم القلّة القليلة ممن لا يزال فيهم بعض حبّ لهذا الوطن وبعض تمسّك بالمبادئ وبعض وفاء لدماء الشهداء... وبعض رجوليّة... لتعلم تلك القلّة بأنها محاصرة من كلّ مكان بجحافل من الأعداء ومن الخونة... وبأنّ الوضع بات موبؤا…
المعركة أو الثورة القادمة لن تكون ضدّ "التجمّع" وضدّ المنظومة القديمة... المعركة القادمة لا بد أن يكون هدفها ازاحة كل من ساهم في صياغة المشهد التونسي خلال الـ6 سنوات الأخيرة ممن افتكّوا الثورة من أصحابها... ممّن حوّلوا وجهتها بوعي أو بغباء... هؤلاء هم أعداؤك يا وطني...
انكشف الغيم وباتت الرؤية أكثر وضوحا…