لعْبْ ذِرِّي... ونوَّرَاتْ صغَارْ

Photo

أو "مانيش مسامح" بأعين الثورة المضادّة…

وانا في طريقي الى البيت هذا المساء، استمعت على وجه الصدفة - وعادة لا أسمع غير مختاراتي الموسيقية، وهي غربيّة بالأساس: خِدْمة مَتْقونة، وزيد عبد الوهاب وأم كلثوم وصليحة موش متاع استماع في السيارة - قلتُ، استمعت الى برهان بسيّس مدافعا بشراسة (حتى أنّ بلحوحو قريب يخرج) على "قانون المصالحة"، ومطمئنّ أشدّ الاطمئنان الى حتميّة مروره عبر تصويت البرلمان ولا استفتاء ولا يحزنون، لا سيّما وأنّه "قانون عادي كغيره من القوانين"… تذكّرت أنّه قال على الملأ خلال الأشهر الأولى للثورة بأنّه سيعتزل الحياة العامّة نهائيا، قبل أن يكتشف بأنّ "الثورة مجرّد وهم"… موش مهمّ… ذكر في ما ذكر بأنّ الذي لا يعجبه الأمر، عليه أن ينتظر الانتخابات القادمة ليغير الأوضاع، ومع احترامه "للنوّارات الصغار الي هبطوا للشارع تحت شعار مانيش مسامح، وانهم يذكرونه في شبابه، وأنّ الشباب في ذلك السنّ تعجبهم القضايا العادلة" الخ… فإنّ القانون سيمر والبرلمان هو الفيصل ولا عبرة بالشارع…

وصلت الى البيت… أطعمت القطط… ثمّ أعنت ابني عبر سكايب على شرح قصيدة باللغة الفرنسية حول الشعور بالسعادة في ملاقات الطبيعة… فتحت بعدها الفايس بوك… فخرجت لي تغريدة كتبها الصديق رضوان المصمودي، وهو قريب جدّا من أقصى اليمين الليبرالي المهيمن اليوم على حركة النهضة… يقول تقريبا نفس كلام برهان بسيس…

جاء فيها بالحرف: "نحن إخترنا النظام الديمقراطي ولم نختر الفوضى… والنظام الديمقراطي صلب وقويّ وقادر أن يفرض القانون على الجميع ويدافع عن نفسه، ولا يمكن تغييره إلاّ بالإنتخابات، وعلى الشعب أن يتحمّل مسؤولياته كاملة ويعرف شكون يختار وينتخب في الإنتخابات القادمة، سواء البلديّة، أو التشريعيّة والرئاسيّة. اللّي قاطع الإنتخابات السابقة وما صوتّش (85% من الشباب)، ليس له الحقّ أن يطالب الآن بالإنتفاضة أو بإقالة الحكومة أو البرلمان… هذا يولّي كلام فاضي ولعب ذرّي…"

أعجبتُ كثيرا بعبارة "لعب ذرّي"… ذكّرتني في "نوّارات" برهان بسيّس… ولأنني أعلم علم اليقين بأنّ "الذرّي" الذين تحدوا الرصاص بين 17 ديسمبر 2010 و 14 جانفي 2011… هم من أوصلوا أصدقاء رضوان، ثمّ أصدقاء برهان الى الحكم ذات وهم وبضعة مئات من الشهداء…

أجبته، بلطف، بما يلي:

إنّ أكبر "لعب ذري" هو ما قامت وتقوم به الأحزاب وبعض أطراف المجتمع المدني في تعاطيها الانتهازي الالتفافي مع المرحلة… جعلتْ ممن ذكرتَ يمقتون السَّاسة والسِّياسة ومن يحترفون الطريق الى الصناديق مرورا ببلاتوهات الاعلام المشبوه والمزيف… في هذا الوضع: الديمقراطية والصندوق كلمات حق، أريد بها باطل، بعد أن اُفرغتْ من معانيها…

ثمّ إنّ الانتخابات وما تفرزها ليست صكوكا بيضاء تُعطى لفترات نيابية وطاح الكاف على ظله… الشعب ليس خزّان أصوات، وليس قطيع أغنام يستدعى كلّ خمسة سنوات للادلاء بصوته، بعد أن يؤثث الحملات والاجتماعات الانتخابيّة… من حق الشعب أن يراقب ممثّليه وأن يضغط عليهم وأن يعزلهم ان زاغوا وما أكثر الزيغ اليوم…

أخيرا أذكرك بما قاله من هو خير مني ومنك "أطيعوني ما أطعت الله فيكم، فإن عصيته فلا طاعة لي عليكم"…

وفي المرّة القادمة سيكون "الذرّي" قد كبروا قليلا… وتبيّن عندهم الخيط الأبيض من الخيط الأسود… وستصبح "النوارات الصغيرة" …” حُرِّيقَة“…

لقد انتهيتم! المسألة مسألة وقت…

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات