يوميّات الثورة التونسيّة – أفريل ومايو 2012

Photo

10 أفريل
ما أتعس من يرفع شعارات الثورة في سياق الثورة المضادّة.. ما أتعس أن يوظّف شعار الوفاء لدماء الشهداء لخدمة حسابات سياسية ضيّقة.. هذا والله قتل ثاني للشهداء..

10 أفريل
شعار المرحلة لدى "ثوريّي ما بعد 14 جانفي"، ولدى "أشباح التجمع الحالمين بالعودة بقناع بورقيبي": ميليشيات النهضة.. ميليشيات النهضة..

25 أفريل
من عجائب وغرائب الثورة التونسية أنّ من اشتعلتْ أساسا لإستئصالهم باتوا، بعد عام ونصف فقط من سقوط الطاغية، أصحاب حقّ ومظلمة.. "ضحايا ديكتاتورية جديدة، أدهى وأمرّ من سابقتها".. فها هو إعلام الرداءة الأبدية، ملمّع صورة الديكتاتور وحرمه "المصون" وبقيّة أفراد العائلة "الكريمة".. إعلام لطالم سبّح بحمد قاهر شعبنا، بُكرة وأصيلا.. إعلام لطالما لوّث سمعنا وبصرنا، ولطالما خلّفت لدينا نبرته الممالئة، المنافقة، ونغمته البليدة، الركيكة، شعورا بالغثيان ورغبة جامحة في القيء.. ها هو، كغيره من ركائز العهد البائد وقطاعاته المختلفة، يُطلّ علينا بوجه "المعارض" المهدّدة حريّته، وبعفّة وعذريّة الشريفة المهدّدة بكارتها.. ويعلم الله أنّها كانت مطيّة لكلّ من هبّ ودبّ من أزلام النظام.. تُؤتَى من كلّ موضع وفي كلّ وضع! ولكن ما جدوى لوم السفهاء؟ العيب في من جرّأ (باسم "المصالحة" و"السلوك الحضاري" وووو.. قطعان بني آوى، وقد فقدت حاميها (وبوها الحنين)، على الثورة وأُسْدها.

3 ماي
رؤوف العيادي يضع الإصبع على موضع الدّاء..

نعم لا بدّ من العودة إلى ثوابت الثورة.. وأساسها القطيعة والتأسيس.. وما سوى ذلك فهو ردّة..

لا بدّ للمجلس التأسيسي الذي يستمدّ شرعيّة وجوده من الثورة (قبل الإنتخابات) أن يلتزم الخطّ الثّوري وأن ينبذ نهائيّا تلك الرّؤية "الإصلاحيّة" التي لم نجنِ منها غير الفشل وتَعاقب الويلات..

10 ماي
في كلّ مرّة يزور فيها تونس شيخ، طالت لحيته أو قصرت.. ببدلة كان أو بجلباب.. سواء أطلّ علينا من الشّرق أو من الغرب.. إلاّ قامت الدّنيا ولم تقعد.. وبالدنيا أقصد دنيا "نخبتنا الموقرّة".. وقد جعلت من نفسها حامية حمى قيم "الحداثة" و"التقدّم".. فتراها تُطْلق ما قلّ ولم يدلّ من الكلام الذي يتراوح بين الشّتم والتّحريض، وبين البذاءة والتّعريض، وبين التّشويه والتّزوير.. وكان أجدر بها أنْ تتناول فكر ومناهج هؤلاء الشيوخ بالنّقد، ودحض مقولاتهم وأفكارهم بمقولات وأفكار، لا بالسخرية والسباب.. بلْ لماذا لا تستضيف "نخبتنا الموقّرة"، بدورها، بعض مشائخها في الفكر حتى تعمّ الفائدة؟ أم أنّها اختارت أيسر السُّبل وأقلّها تكلفة وجهدا؟ فها هي تجسّد على أحسن وجه مثل شعبي رائع في دقّة التوصيف.. "ال...... الباركْ، والفمّ الحاركْ"..

13 ماي
رحم الله المناضل الأصيل حسين التريكي الذي وافته المنيّة بعد عمر طويل قضّى جلّه في الدفاع المستميت عن قضايا الشعوب العادلة وأهمّها قضيّة فلسطين..

16 ماي
من المُحزن أنْ ترى أهل الثّورة من إسلاميين ويساريّين وقوميّين ومستقّلين وغيرهم يتناهشون فيما بينهم، حول قضايا معظمها مفتعل ولا علاقة لها بطموحات شعبنا ولا بحجم ثورته.. في حين تستغلّ فلول التّجمّع الفرصة لتستعيد أنفاسها، ولتستجمع قواها، ولتعود إلى الساحة عبر أقذر الوسائل، كبَثّ الإشاعات والبلبلة وتمييع القضايا وتشويه المناضلين والتشكيك في الثوة نفسها.. كما أنّ "الحلال بيّن والحرام بيّن"، فواجب على أنصار الثورة الخُلّص، سواء كانوا في السّلطة أم في المعارضة، أن يَعُوا بأنّ الحدّ الفاصل بين الثّورة وأعدائها بيّن لا لُبْسَ فيه.. وأنْ لا مكان هنا لمعادلة "عدوّ عدوّي هو صديقي".. ومن يقع في هذا المحظور فقد حكم على نفسه بالخُسران أمام الله وأمام التّاريخ وأمام الشعب.. فللثّورة أخلاقها ومبادئها وأحكامها.. وهي أهمّ وأسمى من الأفكار الجميلة ومن الشّعارات البرّاقة.

16 ماي
إعادة الإعتبار إلى التعليم الزيتوني كرمز من رموز هويّتنا الحضارية، فكرة جميلة ومحبّذة.. ولكن لا يُعقل الرّجوع إلى ما كان عليه هذا التعليم من تكلّس دام إلى نهاية القرن التاسع عشر، أو الإندفاع به إلى الأنماط المتصحّرة والمستوردة منذ بدايات القرن الواحد والعشرين.. لا بدّ من الإنطلاق من التجارب الإصلاحيّة الرائدة التي بدأ بوضع لبناتها الأولى أعلام أفذاذ من أمثال الشيخ سالم بوحاجب والشيخ محمد الطاهر بن عاشور، قبل أن يئد بورقيبة ذلك المسار الإصلاحي التّنويري الأصيل.

19 ماي
ها نحن نرى بأمّ أعيننا عودة أزلام النظام البائد وحثالته وقد استعادت أنفاسها وزال عنها الرعب الذي أحدثته الثورة في قلوبها.. فأضحت ترتع عبر إعلامها وعبر "الفايس بوك"، تارة مروجة للإشاعات الكاذبة، وطورا مشككة في الثورة ومستهترة بضحايا الديكتاتورية.. ولكن العيب ليس فيها بل فيمن غلّب باسم "التوافق" تمشيّا إصلاحيا فجرّأ على الثورة أعداؤها..

كان لا بدّ لأبواق دعاية بن علي أن تغلق وإلى الأبد.. وما كان لمن خرج من مدرسة التجمع أي يمارس السياسة من جديد.. وليحمد الله على سلامته مع هذا..

الثورة معركة يقبل المغلوب فيها أحكام الغالب.. عن يد وهو صاغر.

20 ماي

أكثر ما يغيض كلاب التجمّع المسعورة والّتي تربّت على لعق أرجل أسيادها بحثا عن نظرة رضاء أو بعض فتات.. أكثر ما يغيضها بعد أن زالت عنها "النعمة" الآثمة، أنّها باتت ترى مَنْ كانت تلعنهم ليلا نهارا وتتلذّذ بتعذيبهم وتشريدهم والوشاية بهم وووووو... يسيّرون دفّة الحكم بغير ما اعتادت عليه.. فها هي اليوم تتندّر بما يحدث في أول مجلس منتخب، وقد تعوّدت على مجالس لا صراخ فيها ولا عراك ولا نقد، بل صمت مهيب وتصديق ومصادقة بالإجماع وهم صاغرون.. وتتندّر بشكل وهندام ونظارات وحذاء وبرنس الرئيس، وكأنّ البساطة والعفويّة عيوب ومعوقات.. وتتندّر بمن اضطرّهم القمع والحصار والحبس والتشريد إلى بيع الخضار أو البيض وما شابهه.. وكأنّ تلك المهن لا شرف فيها.. وكأن ممتهنيها لا يحقّ لهم الترشّح وإدارة شؤون البلاد.. أم أنّ ما كان يقوم به سادتهم من عهر ودروشة وترويج للمخدرات أمر هيّن..

لقد غاب عن هؤلاء الأزلام أنّ حساسيّة المرحلة الإنتقالية التي نحن بصددها، جعلتهم في مأمن ولكن إلى حين.. فظنّوا بأنّ الثورة خبتْ نارها وانطفأت شعلتها وبأنّ الأمر مجرّد "شدّة وتزول"..

أبشّرهم بأنّ الإستفاقة من هذه النشوة العابرة ستكون أكبر هولا من صدمة 14 جانفي..

24 ماي
سامي الفهري صاحب هذه القناة هو أحد رموز ثقافة الحظيظ وإعلام مجاري المياه المستعملة.. ثقافة "العهد الجديد".. هذا بالإضافة إلى كونه شريك "عصابة الطرابلسية".. ما قام به هذا الشخص وأشباهه لهو أعظم وطأة وأشدّ بأسا ممّا قامت به الآلة القمعيّة لبن علي.. هل تستوي نتائج الأسلحة التقليديّة وأسلحة الدمار الشامل؟ كلاّ وألف كلاّ..

لقد بثّ سامي الفهري وأشباهه، ممن عُهد إليهم بمهمة ضرب البنية الذهنية للشعب وتجفيف منابعها، ما يمكن وصفه بالسيدا (الآيدز) الثقافية التي لا تُرى معظم نتائجها بالعين المجرّدة.. ولا تظهر أضرارها إلاّ على المدى الطويل.. مدى جيل كامل من أبناء وطننا.. لماذا نستغرب اليوم من بعض المظاهر المستشرية عند قطاعات هامة من شعبنا ومن شبابنا؟ سواء كانت تعبيراتها دينية أو علمانية أو رياضية أو سياسيّة.. "مهبولة وزغرطولها في وذنها"..

كيف تسنّى لهؤلاء الإستمرار، بل والعودة القويّة بعد الثورة؟

طبعا لم تطرح حكومة الثورة المضادّة (الغنوشي والسبسي) على نفسها تحقيق أهداف الثورة وان ادّعته عبر هيئاتها المشبوهة.. وجاءت الحكومة المنتخبة، وقد غلبت عليها الصبغة الإصلاحيّة، فمنعتها من اتخاذ القرارات اللازمة بدعوى "احترام الإجراءات القانونية" وهذا ما نتجت عنه بعض المهازل كمحاكمة القروي على "بثّه لشريط يمسّ من الذات الإلاهية"! خطية ب2500 دينار!! ولو فتحوا بحق ملف هذا الرجل وملفّ الإعلام والثقافة.. ولو تعاملوا معه ومع غيره بمنطق تحقيق أهداف الثورة "وجبر الضرر" لوقع تأميم هذه القنوات أو حتى غلقها.. ولكن فاقد الشيء لا يعطيه.. إذْ لا يمكن للمنهج الإصلاحي أن يفرز سياسة ثوريّة.. فالمسألة بالخلاصة مسألة منهج..

24 ماي
إذا لم نختر التنفيذ الفعلي والفوري لسياسة الثورة، واقتصاد الثورة، وثقافة الثورة، وإعلام الثورة.. وحتّى دين الثورة.. فستضلّ ثورة تونس المجيدة يُزنى بها في "الميدان" من قِبل "ماكروات" و"بطارن" الثورة المضادة بمختلف توجهّاتهم ومشاربهم.. شكرا لباعثي القنوات.. فلقد نجحتم اليوم كما نجحتم بالأمس في جرّ وطننا إلى "ميدان" القُحب والدَّرْوشة..

(المعذرة على بعض الألفاظ الغير لائقة بمسامعكم أصدقائي)

26 ماي
ما يجري الآن في مصر على إثر الإنتخابات الرئاسيّة لهو خير دليل على أنّ المعركة الحقيقية ليست ايديولوجيّة، كما فرضته بعض الأطراف في تونس بُعيد الثورة، وإنّما هي بين الثورة والثورة المضادّة..

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات