كيف نحكم على أية حكومة أو نظام سياسي؟
أزعم أن احد أوزارنا السياسية هي الحكم الانطباعي على أية سياسة أو حكومة أو أيديولوجية ، والارتهان عند الحكم لبعد واحد أو طبقا لمعايير ضيقة أو متسرعة أو نتيجة مخزون معرفي لم تتم مراجعته وبقي مرتهنا لما يتوارى في اللاوعي من تحيزات وأورام ثقافية.
وأزعم ثانية أن افضل الطرق للحكم على أية حكومة أو نظام سياسي يتم من خلال وضع مقاييس "كمية" للظواهر المركزية التي تتضمنها خطة الحكومة أو النظام السياسي بشكل عام، ويُشترط عند وضع هذا المقياس خضوعه للنقاش العلمي وتقديم نماذج تطبيقية واقعية على حكومات أو نظم سياسية .
نقترح أولا أن يتم اختيار عشرة مؤشرات مركزية ، ثم تحديد مستوى كل مؤشر عند تولي الحكومة مهامها ، ثم عرض النتائج مع نهاية كل عام ، ثم استخراج المعدل العام لإنجاز الحكومة في المؤشرات كلها ، وأن يتم التغيير في الحكومات طبقا للإنجاز، فإذا كان إنجازها دون النصف يتم تغييرها أو تغيير الوزير الذي لم ينجز المستوى المحدد ، وإذا كان إنجازها فوق 50% يتم تنبيهها ، فإن تجاوزت 60% فما فوق تم التمديد لها.
المؤشرات المركزية التي يتم قياسها :
• الاستقرار السياسي
• الديمقراطية
• معدل النمو الاقتصادي
• عدالة توزيع الدخل
• مؤشر الفساد
• معدل الجريمة الاجتماعية لكل 100 الف نسمة
• العولمة
• معدل الإنفاق على البحث العلمي من إجمالي الناتج المحلي
• نسبة البطالة
• السمعة الدولية
ومن المعلوم أن كل مؤشر مركزي ينطوي على مؤشرات فرعية، ويصل عدد المؤشرات الفرعية للمؤشرات المركزية العشرة والمتفق عليها في أغلب أدبيات الموضوع المنشورة الى ما بين 40 الى 50 مؤشرا فرعيا ، وهناك اتفاق واسع على وزن كل مؤشر فرعي وكل مؤشر مركزي بين اغلب نماذج القياس المتداولة في مراكز الدراسات المتخصصة، بخاصة ان هذه المؤشرات الفرعية تتداخل ولها تأثيرات في اكثر من مؤشر مركزي.
وعليه، بمجرد أن تتسلم الحكومة مقاليد الأمور يجب أن تعلن بناء على نموذج قياس واضح ودقيق مستوى كل مؤشر من المؤشرات العشرة السابقة، وفي نهاية كل عام من توليها السلطة تعلن مستوى كل مؤشر ليرى المجتمع مستوى الإنجاز، وعندها يمكن أن يقرر المجتمع على أساس علمي لا على أساس انطباعي.
وبعد إعلان الحكومة عن نتائج قياسها ، يجب مقارنة نتائج قياسها بنتائج ما يتم نشره في مراكز الدراسات الدولية المتخصصة لنرى مدى صدق الحكومة فيما تدعي، فان كانت الفروق هامشية فلا باس، وان كانت الفروق عالية يجب النظر لتقارير الحكومة بقدر من المساءلة والمناقشة النزيهة .
معروف أن لكل مؤسسة عامة أو خاصة هدف مركزي( الشركات هدفها الربح- الطالب هدفه النجاح، الجيوش هدفها الانتصار على العدو أو كبحه ، المفكر أو المثقف هدفه إقناع الناس بفكرته، الممثل الكوميدي هدفه إضحاك المتفرجين...الخ)، أما الحكومة فهدفها المركزي هو التطور العام سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وما يتفرع من كل بعد من هذه الإبعاد، ولكن كيف نعرف مدى نجاح الحكومة والرضا عنها ؟ ، ليس فقط باستطلاع الرأي لان الكثيرين تستند اغلب آرائهم للانطباع العابر، وهو ما يستوجب القياس لتجنب آثام الحكم الانطباعي.
بناء على ما سبق يمكن محاسبة الحكومات طبقا لقاعدة " فوفاه حسابه"..ربما.