تغيير النظام الانتخابي..

Photo

هجمة إعلامية موجهة...ومغالطات...لإعادة إرساء الحكم الفردي...(الجزء الثاني )…

لفرض النظام الانتخابي الأغلبي على الأفراد في دورتين الذي بالضرورة، إن تحقق، سيقصي مختلف المعارضات الحزبية والشخصيات المستقلة الحالية، والممكنة مستقبلا، في المجلس النيابي في الإنتخابات التشريعية المقبلة...قالو أيضا ان هذا النظام الإنتخابي يؤدي للاستقرار السياسي…
هذا صحيح...ولكن ليس دائما…

فقد عرفت فرنسا صاحبة النظام الأغلبي على الأفراد في دورتين انتخاب مجلس تشريعي لم يتحصل فيه الحزبين الأولين على الأغلبية المطلقة لأنهما كانا متقاربان في الأصوات حكم فيها الحزب الاشتراكي وكان لتمرير كل قانون يفتش عن توافقات... لأنه لم يتوصل الى برنامج حكم مع الحزب الشيوعي الذي كانت له كتلة ببعض العشرات من النواب...التي تؤمن الأغلبية المطلقة…

وفي بريطانيا اليوم التي لها نظام انتخابي أغلبي على الأفراد في دورة واحدة، وبعد الانتخابات التشريعية التي حصلت في السنة الماضية إثر البركسيت، لم يتحصل الحزب المحافظ لتيريزا ماي زعيمته، على الأغلبية المطلقة، فاضطرت إلى إبرام برنامج حكم مع أحزاب قومية جهوية...لتنال الثقة على حكومتها، واغلبيتها اليوم مهددة وغير مستقرة، نظرا للخلافات التي تبرز في كل مرة بين الأحزاب المتحالفة حول نتائج المفاوضات التي تقودها مع الاتحاد الأوروبي، بعد استفتاء الخروج منه…

ولكن وخلافا لما يروجون، فان الأنظمة الانتخابية الأخرى تؤمن الاستقرار السياسي…

فحكومة الترويكا لدينا التي انبثقت عن النظام النسبي على القوائم مع أكبر البقايا وتشكلت بتحالف بين ثلاثة أحزاب، كانت حكومة مستقرة سياسيا، ولولا الاغتيالات والشارع وجبهة الإنقاذ لما تغيرت…

والمثال الألماني الذي يمزج بين النظام النسبي والنظام الأغلبي، يؤمن لألمانيا الاستقرار السياسي منذ الحرب العالمية الثانية....

فالحكومات الألمانية المتعاقبة منذ عقدين والمتكونة في إطار تحالف على أساس برامج حكم متفاوض عليه في جزئياته بين الحزب اليميني الديمقراطي المسيحي الأول والحزب الاشتراكي الثاني الذان لم ينل اي منهما الأغلبية المطلقة في كل مرة، طبقا لوعودهم الانتخابية وما ينتظره منهم ناخبوهم... ولا كما يحدث عندنا بدون الالتزام بالوعود ولقسمة المغانم، وهو المستوى الصفر في السياسة...كانت دائما تلك الحكومات الألمانية مستقرة سياسيا، وقد تمكنت بفضلها ألمانيا الرأسمالية من أن تصبح الدولة القوية في الاتحاد الأوروبي…

وقبل ذلك تعاقبت حكومات بين الحزبين الكبيرين، وكانت أيضا مستقرة، فقد كان هناك تداول على الحكم بين الديمقراطيين المسيحيين الذين كانوا يتحالفون مع الحزب الليبرالي...والاشتراكيون مع حزب الخضر…

ومنذ عقود طويلة لم يتحصل اي حزب في ألمانيا على أغلبية مطلقة من النواب في مجلس النواب...ولم يتجرأ السياسيون منهم على المطالبة بتغيير النظام الانتخابي...متمسكين به...لأنهم عاشوا من قبل تجربة نظام حكم فردي استبدادي فاشي، نظام هتلر الذي تسبب في تدمير البلاد..فرفضوا تمكين اي منهم السلطة المطلقة حتى لا يسقط في تجربة مماثلة…

والأمثلة الأخرى في مختلف بلدان العالم على الأنظمة الانتخابية المتنوعة التي تؤمن الاستقرار السياسي كثيرة...ولا يمكن عد تلك البلدان…

لذلك فإن بعض الجامعيين الذين تشاهدونهم اليوم مشاركون في حملة إعلامية من أجل فرض نظام انتخابي أغلبي على الأفراد في دورتين، لإقصاء المعارضات الحالية في الإنتخابات التشريعية المقبلة، لأنها "اقلقت" الأغلبية الحاكمة وخصوصا الرئيس وحزبه، من الواضح أنهم منخرطين في حملة وقع الإعداد لها قبل ترويجها و"تبنيها" من طرف الرئيس في خطابه يوم ذكرى الإستقلال ...(ولا يمكن ان يكون الأمر خلاف ذلك لأن هؤلاء الجامعيين لم يعودونا من قبل على أخذ مبادرات سياسية من هذا الحجم...سوى التواجد في بعض البلاتوات أو في الندوات)....

وبالتالي فإنهم مكلفين بمهمة سياسية، لا علاقة لها بالمسائل العلمية الأكاديمية التي يتغطون بها....
ومع الأسف الشديد فهم يغالطون الرأي العام، لأن مستواهم العلمي يتنافى مع جهل ما ورد أعلاه...وغيره كثير…

هم بجهلهم للسياسة الواقعية...او بعلمهم وهذا خطير...ينسفون إحدى مقومات الديمقراطية الناشئة بتعثر في بلادنا...وإحدى مكاسب الثورة…

( يتبع فيما يتعلق بالخلفيات الحقيقية لهذه الحملة السياسية… )

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات