الاستبداد "الأرضي" والاستبداد "السماوي"...وجهان لعملة واحدة.. شخصيا ألاحظ كل يوم أن هذا الموضوع تتهرب منه منذ الثورة.. قيادات القوى التي يمكن تصنيفها قوى ديمقراطية ثورية او ديمقراطية إجتماعية…
ألاحظ ذلك بسبب ما اقرأه يوميا من منظوريها في هذا الفضاء من فضاعات منافية لفكرة المواطنة وحقوقها وللحقوق الفردية والجماعية ولحقوق الإنسان في مفهومها العالمي والشمولي ...ولا حياة لمن تنادي لقياداة تنظيماتهم..
اقرأ يوميا فضاعات...هذا مع عقوبة الإعدام...وذاك مع التعذيب.. والمحاكمة غير العادلة...وضد تمتع الخصوم السياسيين من حقوق المواطنة والتعويض لهم عن الانتهاكات التي تعرضو لها...وضد العدالة الانتقالية...ومع قمع المثلية...وقمع ضحايا المخدرات...وضد المساواة بين الجنسين والمساواة في الإرث...ومنع الخصوم الايديولوجيبن من حق التعبير والتنظم والاجتماع...وعدم احترام حرية المعتقد والضمير وحرية ممارسة الشعائر الدينية... وعدم احترام الحياة الخصوصية والخاصة...والإعتداء على شخوص وكرامة الخصوم السياسيين بالسب والشتم والثلب والقذف وترويج الاخبار الزائفة ضدهم وحتى ضد ذويهم...الخ..والقائمة لا تزال طويلة جدا جدا مع الأسف الشديد…
كان من المفروض على الأحزاب السياسية الثورية الديمقراطية والديمقراطية الاجتماعية...ان تكون قد قامت عندما نالت الحرية بالثورة لانها كانت ممنوعة من حق الإجتماع قبلها... ان تقوم بدورات تكوينية لمناضليها حول الديمقراطية وحقوق المواطنة والحريات الفردية والعامة وحقوق الإنسان في مفهومها الكوني والشمولي...لانها حاملة في خطابها العام لمشروع ديمقراطي مواطني..ولأنه في عصرنا الحاضر هي القيم التي تتأسس حولها كل نظرية تدعي الديمقراطية...إن كانت ثورية او اجتماعية…
ولكن معظمها لم يفعل...ولذلك واصلنا نقرأ يوميا تلك الفضاعات باسم الثورية والنضال الإجتماعي...منذ الثورة...لأنهم تركو مناضليهم يرددون كالببغاوات ما تعلموه في واقعهم من افكار رجعية فرضهما الفكر السائد على عقولهم وممارساتهم...التي تكون أحيانا شنيعة…
وهذا طبعا ان كانت تلك القيادات قد فهمت استحقاقات الديمقراطية...واستوعبتها..وجعلت منها قيم تحدد مواقفها وممارساتها وعملها الحزبي... وإن لم يكن فينطبق عليها ما يقوله البعض من أن ذلك الغصن من ذلك الجذع...وهي المصيبة الكبرى التي أرفضها شخصيا...لأني شخص متفائل... وتلك الفضاعات في الحقيقة تؤشر في جوهرها لاستبطان مشروع استبدادي آخر...حتى لو قدمت وراء غطاء ثوري (ثورجي في الحقيقة)...او باسم النضال الاجتماعي…
فكم من دكتاتور في العالم ادعى الديمقراطية والثورية والنضال الاجتماعي...ولما مسك السلطة ظهرت حقيقته وجوهره لافتقاده لتلك القيم...فكان دكتاتورا فاشستيا على مواطنيه الذين غالطهم…
والغريب أن ترى هؤلاء في نفس الوقت...يمارسون ازدواجية الخطاب...يلومون خصومهم على ما يضمرون لهم...وللمجتمع...لو تمكنو من السلطة…
فتراهم يوميا يهاجمون الفاشية "السماوية" لأنها لا تؤمن بتلك القيم وتنتهكها...وهم في نفس الوقت لا يؤمنون بها ويصرحون به ضد خصومهم السياسيين والايدوليجيين...وضد من لا يتفق معهم في رأيهم…
يا أكارم…
مشاريع الاستبداد...ان كانت بغلاف "ارضي" أو غلاف "سماوي"...لا تختلف جوهريا عن بعضها...ولا تختلف جوهريا في مفاعيلها…
والشعب وحقوقه...دائما هو الضحية…