العقلية الديمقراطية...والعقلية الشمولية..."رباية"…

Photo

هي تربية...أو "رباية" كما يُعرف التربية أحد رفاق النضال طيلة عقود... وتفهمها "فيسع فيسع" من المواقف والممارسات التي تعترضك كل يوم…

العقلية الديمقراطية هي تلك التي تؤمن بحرية التعبير...وبالنقد والنقد الذاتي كممارسة يومية ولا كتنظير لا يمارس أبدا... وتؤمن بدور القواعد الأساسي في القرارات الجوهرية دون سواها…

وبانتخاب المسؤولين في كل المستويات، كل المستويات، لتطبيق وتتفيذ المسائل الجوهرية من طرف القيادات المنتخبة، التي قررتها القواعد واتخاذ المبادرات والممارسات اليومية التي تعمل على تطبيقها... وبتحمل المسؤولين الفشل وتقديم نقدهم الذاتي وحتى استقالتهم لقواعدهم وللجماهير الذين ساندوهم، لما يفشلون في تأدية مهامهم…

واعتبار أن الإختلاف في الآراء بين المناضلين ثروة…

وتشريك كل مناضل له تجربة واختصاص مهني في حياته، لأنه يتفوق فيه على القيادي الذي عليه ان يتعلم منه ولا أن "يعلمه" القيادي ما لا يعرفه وكأنه نبي مرسل...إلخ…

أما العقلية الشمولية فهي ليست سماوية فقط...بل إنها أرضية أيضا... وهي منتشرة كانتشار النار في الجحيم...وتخترق كل العائلات السياسية العلمانية التونسية...لأن بلادنا لم تخرج من الاستبداد الشامل والشمولي إلا منذ بضعة سنوات…

ولأن تلك العائلات السياسية وخصوصا التقدمية منها تأثرت بتراث ثوري ينتمي لما قبل عصر الديمقراطية وحقوق الإنسان، هذا العصر الجديد الذي تحددت مبادئه وأخلاقه وبدأت تنتشر لدى الشعوب الحديثة بعد الحرب العالمية الثانية، بسبب ما خلفته هذه الحرب من فضائع جسيمة ضدها...وتكرست أهمها في الدستور التونسي الجديد...وهي من استحقاقات ثورتنا....ثورة الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية....

والعقلية الشمولية العلمانية لدى التقدميين تتمظهر في أشكال وممارسات كثيرة وحتى معقدة...منها على سبيل الذكر ولا الحصر:

رفض الديمقراطية القاعدية في أخذ القرارات الجوهرية ورفض انتخاب المسؤولين من القاعدة للقمة...وتنصيب القياديين لأنفسهم فيما بينهم...في مختلف المستويات كما يفعل كل دكتاتور... أو بالتعيين من طرف من هم أعلى منهم…

تهرب المسؤولين الذين اتخذوا القرارات وسهروا على تنفيذها من محاسبة أنفسهم وتقديم نقدهم الذاتي وحتى الاستقالة ليحل محلهم من هو أقدر منهم في القيادة...لما يفشلوا... وكأنهم ليسوا المسؤولين الأكبر على الفشل وأحيانا الوحيدين…

والأنكى تحميل فشلهم لخصومهم السياسيين وهذه معرة منهم... والأنكى من كل ذلك وهو تصرف لا أخلاقي...تحميل فشلهم لمن لم يشاركوهم ويشركوهم في قراراتهم وخصوصا قواعدهم... أو تحميل فشلهم بكل انتهازية لمن يشتركون معهم في الموقف والرؤية السياسية، ولم يشركوهم... لأنهم يختلفون معهم في كيفية تحقيقها...ونقدوهم...وهذا سقوط للقاع الذي ليس بعده قاع…

وتنكشف العقلية الشمولية أيضا بممارسات وهجومات المؤلفة قلوبهم مع قلوب مثل تلك القيادات...لما يتصرفون في شكل جوقة ميليشياوية كالدواعش... لا يفكرون بعقلهم... وإنما بما صدرت لهم من تعليمات للدفاع عن مواقع أولياءهم هؤلاء....

إلخ...من المواقف والممارسات الشمولية الأخرى...وهي كثيرة... والتي بمقارنة مفاعيلها في مجتمعات ديمقراطية أخرى، كل المجتمعات الديمقراطية الأخرى بدون إستثناء، بينت أن أصحابها انقرضوا...رويدا رويدا...لأنهم رفضوا ان يتأقلموا مع الديمقراطية الشعبية المعاصرة ومبادئها وأخلاقها... وتمسكوا بقوالب قديمة....ستصبح غدا شبه قروسطي... متخيلين أنهم قادرون على فرض عقليتهم الشمولية التي انقرضت...على المناضلين...وعلى الجماهير الشعبية التي لفظتهم…

كتبت هذا لأني أعتقد أن السياسة مبادئ وأخلاق او لا تكون... ومن يتحملون المسؤولية...او يحملونها لأنفسهم...هم الذين تجب محاسبتهم عند الفشل...لأن السياسة دائما بالنتائج…

كما أقوله دائما.... ولهذا الحديث بقية....طويلة...طويلة…

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات