بوصلة مواطنية...وعقليات استبدادية..

Photo

كل إنسان بريء إلى أن تثبت إدانته أمام القضاء...في محاكمة عادلة تؤمن له فيه الوسائل الضرورية للدفاع عنه... والجريمة دائما شخصية...بمعنى أنه لا يعاقب الا من اقترفها او من شاركه في اقترافها ...مثل اعانته عليها...او تقديم المساعدة له...او التخطيط لها...او الإذن بها...او تمويلها...الخ...وهو عالم مسبقا بقصده الإجرامي…

ويحصل أن يتلكأ القضاء في الكشف عن الجريمة...وتتبع مقترفيها...مثلما حصل مع قضية الشهيدين بلعيد والبراهمي...والتنظيم السري...وأسباب ذلك كثيرة... هذا يحدث في تونس بعد الثورة...لأن القضاء الذي ورثناه عن حقبة الاستبداد والفساد ليس مستقلا بعد طبق المعايير الدولية لاستقلال القضاء…

وهو لا يزال يشكو من عاهات الماضي التي تنجر عنها عدم استقلالية الهيئة القضائية المتعهدة بموضوع...بسبب التبعية لمراكز النفوذ او التوظيف السياسي...او الفساد...الخ... وفي تلك الوضعيات هناك حلول…

هناك وسائل قانونية تمكن من القيام بمعارك قضائية أمام هيئات قضائية أخرى تؤمن باستقلاليتها... وهناك معارك إعلامية من حق الضحايا خوضها....عندما يرتطمون بنكران العدالة لحقوقهم ...كضحايا انتهاكات لم تجد طريقها العادي أمام قضاء مستقل...اما مباشرة او بواسطة من وكلوهم... وهذه المعارك يخشاها الكثير...لأنها تميط اللثام لدى الشعب عن غي الذين ينتهكون الحقوق مهما كانت السلطة التي ينتسبون لها...وتجعل المؤمنين منه بحقوق المواطنة...يضعم في قفص اتهام الراي العام...ويتصرف معهم كيف الفار الي نزس خابية…

وهذا ما يحصل يوميا في البلدان الديمقراطية التي فيها الرأي العام هو المحدد...في السياسة والانتخابات...وحتى في تقرير الثورات لما يتمسك السياسيون المنتخبون بقوة اجهزة الدولة ضد حقوق شعبهم...ويخرقون الدستور الذي عليهم احترامه...بوصفهم خانوا العقد الاجتماعي الذي يربط بين الجميع…

اما من يرفض هذا التوجه المواطني الديمقراطي..ويدعو للعقاب الجماعي...ضد مجموعة من خصومه السياسيبن ينتمون لنفس الحزب...لانه يتهم البعض من مسؤوليه باقتراف جرائم ..فهو ينتهك مبداي شخصية الجريمة... وينتهك دور القضاء دون سواه في النطق بالإدانة...لأن العقاب الجماعي...هي جريمة في حد ذاتها لما تقترف...والمطالبة بها مشاركة فيها لما تقترف…

والعقاب الجماعي لا يتعلق هنا فقط بالجانب القضائي...وإنما أيضا في المطالبة بالحرمان من الحقوق المدنية والسياسية مثل حق التنظم والتعبير والمشاركة السياسية والحق الانتخابي...الخ...ضد جمهور لا ناقة له ولا جمل فيما اشتبه على اقترافه من بعض مسؤوليه...وهو لم يكن مشاركا شخصيا في ذلك..

هولاء...من يقترفون ومن يدعون للعقاب الجماعي..لا يختلفون جوهريا عن بعضعم...لأنهم لا يحملون مثل بعضهم البعض قيم ومبادئ حقوق المواطنة...وحقوق الإنسان... ولنا في تونس الكثير....بسبب عقود من الاستبداد...فرمتت الكثير...وكان بن علي قبل الثورة قدوتهم…

هذه المبادئ نص عليها الدستور التونسي..دستور الثورة...وهي من استحقاقاتها... وكما يقول المثل...ما يحس الجمرة كان إلي عفس عليها...هؤلاء الذين واجهو يوميا الاستبداد...زمن الاستبداد.... اكثر من غيرهم ان واجهو…

وهذا ينطبق اليوم أيضا على التنظيم السري...وحركة النهضة... من يطالبون اليوم بحل حركة النهضة...التي لها جمهورها...والجزء من المواطنين أتباعها لهم نفس الحقوق المدنية والسياسية مثلهم...بدعوى الاشتباه في اقتراف تهم خطيرة من بعض مسؤوليها...اضاعو البوصلة المواطنية...وهم بدون ان يدرون أصبحوا رديفا لهؤلاء الذين في استراتيجيتهم إرجاع نظام الاستبداد والمواطنين إلى رعية…

حذاري…فمهما كانت فضاعة الجرم وخطورته…لا تسقطوا في المشاركة في نسف مقومات الدولة الديمقراطية…وفي مثل هذه الأزمات ينجلي الحابل عن النابل …

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات