عندما تعيش في بلاد كتونس...تعرض فيها مواطنوها للاستبداد طيلة عقود...وجرمت فيه كل المعارضات السياسية والفكرية لسلطة الاستبداد... وحتى فعاليات المجتمع المدني والنقابي المستقل…
ونظمت فيها الآلاف من المحاكمات الجائرة التي استعمل فيها التعذيب بمنهجية (وهذا يمكن ان يرقى حتى للجريمة ضد الإنسانية...لمنهجيته وكثرة ضحاياه)...وذلك "لإثبات" الإدانة…
وخرق فيها القانون بشكل يومي من طرف قضاء تعليمات...يرفض حتى الالتزام ببعض المقتضيات القانونية التي تساعد.....ولا تؤمن المحاكمة العادلة…
تكون حقوقيا...ومختص في الميدان القانوني...وترى طيلة عقود...محاكمات جائرة من هذا وعندما النوع...طالت كل العائلات السياسية...سوى تلك التي ساندت الاستبداد... وترى انها طالت كذلك النقابيين والطلبة والحقوقيين والصحفيين والمثقفين...لأنهم مارسو حقوقهم في التعبير والتنظيم والاجتماع والتظاهر...المكفولة بالدستور والاتفاقيات التي صادقت عليها تونس...وجرمها قانون دولة الاستبداد…
وعندما ترى لمدة طويلة في المحاكم...كيف ان بن علي وزبانيته لم يعودوا حتى يكتفون بالقوانين المستبدة التي وضعتها دولته الاستبداد... بل أنهم تجاوزوها.. فأصبح قضاء التعليمات يشتغل كالة تسحق كل من احالتهم سلطة الاستبداد على انظاره...واحيانا أكثر من المطلوب....
وعندما تفهم أن هذه العملية الاجرامية التي تواصلت لعقود...هدفها الخفي اولا ثم المعلن بعد...هو الاستئصال.. ولا فقط اخافة من يختلفون برأيهم ويطالبون بالحرية لهم و لغيرهم....ولاخافة بقية المجتمع حتى لا ينحو نحوهم...ويقوض نظام الاستبداد.... فإن مطلب العفو التشريعي العام...يكون هو المطلب الرئيسي في ذلك النظام المستبد...إضافة للمطلبين الملازمين له والمنجرين عنه... وهما اطلاق سراح المساجين السياسيين ومساجين الرأي...وحرية الرأي والتعببر…
وهو ما تفطن له الحقوقييون....قبل غيرهم..ومع بعض غيرهم... فرفع تحت سلطة بورقببة...وتظاهر بن علي بتلبيته بعد انقلابه بقانون سنة 1988...ولكنه افرغه من محتواه...والتف عليه…
ثم رفع كمطلب أساسي سنة 2000...في سنوات الجمر...في مؤتمر الرابطة التونسية لحقوق الإنسان...الذي دعيت اليه عائلات المساجين السياسيين... وكان من بين الأسباب التي أدت بعد أسابيع إلى الهجوم على مقرها من طرف المئات من أعوان البوليس للاستيلاء عليه.. بعد محاكمة وظف فيه قضاء التعليمات كالعادة..وكانت أشبه بالمسرحية....
وتواصل بعد ذلك رفع هذا المطلب أكثر فأكثر...من فعاليات مختلفة...ومتاكاثرة... حتى جاءت الحرية بالثورة...ففرض على الحكومات التي خلفت حكومة بن علي....كمن اول استحقاقات الثورة...قبل غيره....
واسترد المضطهدين بعض حقوقهم المدنية والسياسية والاجتماعية...بعضها فقط...لا غير... فمن سيرجع لهؤلاء المواطنين ما فاتهم في السجون من سنوات حرية حرمو منها..و عيش مع أطفالهم وازواجهم وعائلاتهم واحبابابهم؟
ومن سيرجع لهم صحتهم التي ساءت في سجون بن علي التي عرفت عالميا بالقتل البطيء بالإهمال الصحي؟
ومن سيرجع لهم نقاوة الذات والمعنويات والشعور بالإنسانية التي اغتصبها منهم التعذيب وسوء المعاملة في السجون ولدى بوليس بن علي…
ومن...ومن...؟
فمن انت يا من تتطاول على من عارضو الاستبداد واسترجعوا بعض حقوقهم بالعفو التشريعي العام؟
لأن ما خسروه من حياتهم...الذي عشته انت وتفتقت فيه...لا يرجع...ولا يمكن ان ترجعه لهم…
أنت فرضيات ثلاثة…
• اما انك كنت مشارك في هذه الجرائم …
• او انك كنت موافق عليها...وعشت حياتك هنيئا ..تتمعش من نظام الاستبداد…
• او انك ضاعت بك السبل...وضاعت بوصلتك...لان بعض العشرات من بين الآلاف ممن تمتعوا بالعفو التشريعي العام...اقترفوا جرائم إرهابية او جرائم خطيرة…
فتلاعب بك ...باستغلال ذلك على حساب الأصل...من تلك هي وظيفتهم...وأصبحت بوقا لهم من ضمن كتيبتهم الخامسة....
ملخر؟
عليكم ان تحددو اين انتم…بدون نفاق…ودمغجة…وبعيدا عن غراءزكم الموروثة من عهود الاستبداد …والبربرية من قبلها… هل انتم مع دولة مدنية…تحترم حقوق المواطنة وشروط المحاكمة العادلة… ام هل انتم من بقايا تلك العهود؟