إيقاف الطيب راشد عن العمل وإعلان الشغور في خطة الرئيس الأول لمحكمة التعقيب، قرار صائب قطعا، ولكنه عادي لأنه ببساطة من الطبيعي بما كان، بل تأخر كثيرا حتى اُهين القضاء! هذا القرار كان منتظرا بعد التأخير الرابع للجلسة التأديبية وفي السياق السياسي الحالي، بل كأن مجلس القضاء العدلي اتخذه جبريا اليوم في قضية أُريد لها في البداية أن تُسوى في الغرف المظلمة "كالعادة" فتحولت إلى قضية رأي عام .
ماذا كان ينتظر المجلس لإعلان هذا القرار؟ تقرير التفقدية؟ ألم يكفي فتح بحث تحقيقي بجرائم تبييض الأموال والتدليس والارتشاء ضد الطيب راشد منذ شهر جانفي 2021 أي منذ 8 أشهر ليعلن قرار إبعاده عن أسمى خطة في سلم القضاء العدلي؟ هل كان راض أن يرأس محكمة القانون قاض محال على التحقيق بجرائم خطيرة وبات مطعون في ذمته على مرأى من الجميع؟ هل يعلم مجلس القضاء العدلي الأضرار التي سببها عدم اتخاذ القرار الطبيعي في الوقت المناسب؟
هل كان راض بتعطل انعقاد الدوائر المجتمعة؟ هل كان ينتظر دفعا من السلطة التنفيذية التي وضعت القاضي في الإقامة الجبرية وكأنها تخاطب المجلس الأعلى للقضاء "ماذا تريد لتقوم بمهامك؟ ألا تخجل؟" هل كان ينتظر لتأديب القاضي أن يأتيهم من إقامته الجبرية تحت حماية الأمن؟ هل يعلم كم أساء مجلس القضاء العدلي للقضاء وللعدالة برمتها؟ وكم خدوشا سيكتبها التاريخ عن مجلس تواطئ من حيث تعلم أغلبيته ولا تعلم في هذا الملف وغيره منذ البداية؟
أما عن قرار إحالة ملف الطيب راشد للنيابة العمومية، فربما كان المطلوب من باب أولى سؤال قاضي التحقيق المتعهد بملف الطيب منذ 10 أشهر. ماهي الأعمال الكاشفة للحقيقة التي قمت بها؟ وماهي القرارات القضائية التي اتخذتها أثناء سير البحث؟ الإجابة معلومة.
عموما، تحية تقدير لرجال ونساء حراك "نحن الموقعون" الذين انتصروا لرسالة القضاء السامية والحقيقة وللعدالة في مواجهة خفافيش القضاء، والتحية لكل من جعل هذا الملف أولوية قصوى للقطع مع الإفلات من العقاب وحكم القانون والانتصار لقضاء ناجز وعادل..
الطيب راشد هو رأس في شبكة فساد قضائي تضم قضاة ومحامين ومهنيين من قطاع العدالة ومن حولهم ساسة ورجال أعمال فاسدين.. المعركة لازالت حامية.. طريق كشف الحقيقة والمساءلة مازال طويلا.. لكن لا بد لليل أن ينجلي!