نقابة القضاة لم تعارض حل المجلس الأعلى للقضاء.. لم تقلقها تركيبة المجلس المؤقت.. كسّرت إضراب مظلمة جوان 2022.. امتنعت عن المشاركة في أول إضراب جوع لقضاة في تونس.. لم يزعجها تحويل القضاة لوظيفة وسحب ضمانات الاستقلالية في دستور الرئيس (للتذكير نفس النقابة أعلنت الدخول في إضراب أول أيام مناقشة باب السلطة القضائية في دستور 2014)..
كسرت قرار مقاطعة القضاة لمسار الإشراف على الانتخابات.. خرج رئيسها مدافعا عن ترهيب السلطة زاعما أن قضاة ملف قضية التآمر لم يتعرضوا لا للهرسلة ولا التهديد.. لم يزعجها تعيين الوزيرة لقضاة الخط الأول بما في ذلك الخطط السامية.. بعد كل هذه المسيرة المخجلة لمواقفها بعد 25.. طبيعي أن تبارك حركة قيس وليلى رغم الإخلالات والفضائح العلنية في تكريس قضاة الموالاة ومعاقبة قضاة انتصروا لرسالتهم.
نقابة القضاة.. هي صوت القضاة الذين لا يهمهم أن يكونوا موظفين وتابعين وموالين.. غير معنيين باستقلال القضاء.. وأصلا لا يعرفون مفهوم الاستقلالية ولا ضماناتها.. هم الذين يعتبرون الدفاع عن استقلال القضاء تسييسا للقضاء ولكنهم في نفس الوقت ينخرطون في أجندة السلطة..
همهم عدم إغضاب الوزيرة.. خزان خطابهم الداخلي هو القطاعوية والدفاع عن المصالح المادية.. غير معنيين بالمهام الطلائعية للقضاء (الدفاع عن الحقوق والحريات ودولة القانون وعلوية الدستور) التي حذفها دستور الرئيس مقارنة بدستور 2014.. يدّعون المهنية وهم مشرّعو قضاء التبعية.
نقابة القضاة.. هي الغدر المعتاد داخل الجسم القضائي ضد استقلالية القضاء.. قضاة موجودون في كل زمان ومكان عبر التاريخ.. قضاة السلطة الذين يخشون لومها قبل عقابها.. هذا المنتظر.. لكن الأكيد.. أخطاء ما بعد 2011 في تصفية إرث قضاء التبعية يجب ألا تتكرر مستقبلا... في الأثناء.. تتواصل المقاومة بقضاة اختاروا الانتصار لمبادئ رسالتهم مهما كان الثمن .. ربما هم الأقلية.. ولكن كما قال علي.. لا تستوحشوا طريق الحق لقلّة سالكيه.. وإنا غدا لناظره لقريب.