لم يوجه سعيّد الدعوة للعميد المزيو لتهنئته، كما جرت العادة بروتوكوليا، رغم انتخابه منذ نحو 7 أسابيع، ثم يا لها من صدفة أن يوجه إليه الدعوة ويستقبله في نفس يوم جلسة العميد الكيلاني في محكمة الاستئناف العسكرية والتي توشح فيها العميد المزيو، ساعات قبل استقباله في قرطاج، بروب المحاماة للترافع عن زميله، ليطوي صفحة خذلان العميد المفرّط بودربالة.. ويؤكد أن الهيئة الوطنية ليست كسابقتها في الانحياز المذل للسلطة.
حديث سعيّد في بلاغه الركيك بلغته العربية المتقعّرة عن "دور الهيئة في الحفاظ على استقلالية المهنة والتصدي لكل من يحاول الزيغ بها عن مقاصدها النبيلة" يعكس سعيه لتحييد الهيئة عن المحطات الحقوقية وطمع في مواصلة الموقف المهين الذي تبناه العميد المفرّط طيلة الأشهر المنقضية..
سعيّد يريد استقلالية للمحاماة عن الجميع إلا معه، يريدها تابعة خاضعة لسلطته، لكن لا يعلم أن قوس العميد المفرّط انتهى، والعميد المزيو وعدا عن الحد المعلن من تعهداته العلنية، فهو يعلم أن تركيبة مجلس هيئته ورئاسة فرع تونس وتركيبة مجلسه جميعها تعكس رسائل مطلوبة عبر عنها المحامون في الجلسة العامة الأخيرة.
ليس السقف سقفا صداميا وليس هذا المطلوب، لكنه سقف إعادة تصحيح للبوصلة وعودة المحاماة الرسمية للجادة انحيازا لقيم المهنة ومبادئها.. الاستحقاقات المهنية والوطنية مترابطة ولا سبيل للتضحية بهذه من أجل تلك.. عسى أن يعي سعيّد جيدا أن فسحة العميد المفرّط بودربالة انتهت.