إحالة الأستاذين الجزار والغدامسي لم يكن قرارا رشيقا من الوكالة العامة، تخلي قاضي ناحية قرطاج عن التتبع بالأمس هو تصويب لسوء تقدير منها، مرافعات المحامي محصّنة بنص القانون، وتعلق القضية الأصلية موضوع المرافعة بتعذيب الأمن لمواطن هي القضية التي كانت يجب أن تشغلنا لا قضية التحقيق.. وتقدير أي تجاوز من طرف القاضي لا يكون بالتشكي الجزائي، بل برفع الأمر لمن له نظر، إعادة إحياء لجنة فض النزاعات الطارئة بين جناحي العدالة ضرورة، واليوم نحن بحاجة لحكماء المحامين والقضاء لتسوية خلافات اليومي القضائي واحتوائها على قاعدة الاحترام المتبادل.
نحن اليوم نواجه سلطة تقود هجمة على القضاء السلطة وعلى المحاماة الرسالة، إعفاءات وإحالات بالجملة ضد قضاة ومحامين بملفات الغاية منها التنكيل وإسكات الأصوات.. البعض لازال في رفاهية التقدير والحال أن الهجمة اليوم تشمل الجميع بتخطيط وتنفيذ قضاة متواطئين مع السلطة وبإسناد في الخفاء من محامين خانوا العهد.
بيان نقابة القضاة اليوم هو محاولة لصبّ الزيت على النار وهو يأتي فيما تريده السلطة وهو التشويش على المعركة الحقيقة وتحويل وجهة الأنظار نحو الاستثمار في خطاب التصعيد والشحن بما يعني شق الصفوف داخل جسم العدالة.. لم نسمع صوتا لنقابة القضاة من دستور حوّل القضاء من سلطة إلى وظيفة ولم نقرأ لها بيانا عن عدم إصدار الحركة القضائية وقد خفت صوت النقابة في معركة الحسم ضد كاتبة العدل سيئة الذكر وهو خفوت مريب، ولكنها اليوم تصدر بيانا يتحدث عن "الضغط على القضاة" ويعتبر أعمال بعض المحامين هي "تمرّد على أجهزة الدولة"، هكذا! ما الغاية من هذه العبارة إلا محاولة استنجاد بالسلطة لتصفية عدد من المحامين؟
عموما وكما قلتها منذ ما قبل 25 أؤمن أنه يوجد قضاة ومحامون على حق في ضفة.. ويوجد قضاة ومحامون على باطل في الضفة المقابلة.. هذا ما أثبته التاريخ في المعارك الوطنية خاصة تلك التي تهمّ العدالة، وما تؤكده الوقائع اليوم في العلن وكذلك في الكواليس..
أعلمكم من الآن أن محاولات التشويش ستتصاعد خلال الفترة المقبلة وسيحاولون إظهارها أنها معركة بين محامين وقضاة، هكذا بسخافة وببساطة، ولكن لن ينجحوا في تحويل البوصلة.. عسى أن لا يسقط أصحاب النية الحسنة في الفخ، ويفوّتوا الفرصة على المصطادين في المياه العكرة الذي يرومون "تنظيف" أنفسهم، باسم الحمائية القطاعية، وهم الذين تلطخت أيديهم بمظالم! وإن غدا لناظره لقريب!