القشور - الهمج - الآفاقيين - العُربان – القعار

Photo

ابتدعت مركزية السلطة الماكثة ضمن حدود العاصمة معجما كاملا من الالفاظ التي عاملت من خلالها "غيرها"، سواء من ضواحي العاصمة أو أعماق البلاد، في دونية واحتقار، بل (وهذا الأخطر) جعلت من هذه "العنصرية" ولا تزال فلسفة دولة وايديولوجية حكم…

دليل ذلك، ان سكان ضاحية المرسى الأصليين، المنسوبة حاليا إلى البذخ والرقيّ والتقدم، كانوا في نظر البايات وحواشيهم مجرد "شطيّه" (نسبة إلى الشاطئ)، أي مجرد خدم وعملة، ونساؤهم مجرد وعاء لذّة لاسيادهم البايات وزبانيتهم…

لذلك مفهوم وعادي في عرفهم وان كان غير اخلاقي بل يرقى إلى مرتبة (.....) [لفظ بذيء جدا] أن تقيم المدعوة سهام بلخوجة حفل رقص غدا في قلب العاصمة، والحال اننا أمام مجزرة بالمعنى الحقيقي للكلمة شهدتها نواحي سيدي بوزيد، بفعل ما صنعت دولة الاستقلال الداخلي وحافظت عليه من تهميش مقصود وتخلف تقتات منه الطبقة المستكرشة…

تونس الرسمية افاقت واستفاقت على حادثة شارلي هبدو، وذهب رئيسها المنتخب ديمقراطيا، معزيا ومواسيا، في حين ان شهيدات وشهداء "الخبزة المرّة" في سيدي بوزيد، يبدون خارج التأريخ وبعيدا عن الجغرافيا السياسية لقصور قرطاج والقصبة وباردو وما بينها من وزارات…

لم ترتفع هذه القصور وهذه الوزارات إلى مرتبة بن علي وبورقيبة، حين كان كل منهما يبدي مواساة عابرة وتفهم أشبه بسحاب كاذب، مع وعود يعلم الجميع أنها سراب البقيع…

هي تراكمات منذ قرون عمقها يأس عقب كوّة الأمل التي فحتها ثورة 17 ديسمبر....

حين نتخذ سهام بلخوجة انموذجا ضمن طيف كامل من أشباهها، نجدها تمارس الإسقاط، أي أنها تسبطن ان هؤلاء "الهمج" يقبلون بل يعشقون أن تفكر بدلا عنهم ومن ثمة تقرر مكانهم، بل هم يحمدون الله ان منّ عليهم بهذه "النبية" التي ستقلب بالرقيص حالهم من الحاجة والفاقة لتجعلهم في مستوى عيش الفرنجة…

ستستفيق هذه القصور الثلاث وما بينها من وزارات متأخرة جدا، ومن ثمة سيحاول أصحابها استدراك المشهد، لقرب الانتخابات لا غير، وسيمارسون تضخما في الوعود مع "كرذونة" بها شويّة مقرونة وطماطم وزيت…

لن يتغير الحال…

إلى اللقاء في المصيبة القادمة…

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات