جمال بن اسماعيل فنان تشكيلي جزائري ترك اهله وناسه في ولاية خميس مليانة غرب الجزائر و تطوّع لكي يساعد أهالي تزي وزو الّتي اجتاحتها الحرائق فوجد نفسه يحترق بأيدي من أراد مساعدتهم لمجرّد شبهة أنّه ممّن أشعل الحرائق بعد أن راج الحديث عن أنّها مفتعلة و بفعل فاعل لتتلقّفه الغوغاء و الحمر المستنفرة و تمرّ إلى الفعل و تنفّذ حكمها على أوّل من اعترضها لمجرّد الشبهة و دون تثبّت ليثبت أنّه بريء براءة الذئب من دم يوسف.
مشهد فظيع نقل على المباشر و وحشية فاقت الحدّ في استنساخ لمشاهد داعش و الهوتو و التوتسي و لرابعة المصرية الّتي احترق فيها الأحياء وسط تهليل و تصفيق الجماهير.
تصريحات غير مسؤولة لمن يعتقدون أنّهم مسؤولون باتّهام مجهولين بأنّهم وراء الحرائق دون تحقّق أو دليل، تلقّفتها غوغاء متنطّعة مستنفرة تنتظر أيّة اشارة أو استثارة لتمارس هواية التشفّي و تشبع غريزة الانتقام و لتكشف حقيقة ما نعيشه من توحّش في عصر التوحّش.
عبارات تقطر حقدا و عنصرية مقيتة و هيجان غير قابل للسيطرة و صيحات تشجيع من الحاضرين أو من من المشاهدين للفيديو القبيح الفظيع.
ما كان ليحدث ذلك لولا خطاب الحقد و الكراهية و الفتنة و تنصّل المسؤولين من مسؤولياتهم بخلق عدو هلامي وهمي و ما كان ليحدث ذلك لولا غياب الوعي و علوية القانون و قيم المواطنة.
مثل هذه الجرائم قام بها الحشد الشعبي في العراق باسم الله و الطّائفة و قامت بها الميليشيات الطائفية الداعمة لنظام بشار المجرم في سوريا و قامت بها داعش عندما أحرقت الطيّار الأردني حيّا. و هي أيضا وقعت في أكبر مجزرة في تاريخ مصر الحديث الّتي نعيش على وقع ذكراها الثامنة. و قد شهدنا شبيهتها في بورما و في رواندا في تسعينيات القرن الماضي .
و قد نشهد مثلها في تونس بفضل حكمة سماحة ملك ملوك افريقية و الجنّ و الإنس فالوضع مهيّأ لذلك و لا يحتاج الّا لعود كبريت بيد أحمق. خطاب حقد و كراهية و تفرقة و تقسيم لشعب لم يعرف في تاريخه مثل هذا الانقسام الّذي نعيشه، شعب يشهد تحوّلات عميقة جعلت من بعضه مستعدّا لأن يفترس بعضه الآخر، عنف افتراضي غير مسبوق قد يتحوّل إلى واقعي في أيّة لحظة.
أثمر خطاب الكراهية و الحقد المنبعث من أبواق الإعلام المجرم ليكون له جمهور واسع من المتلقّين الّذين ينتظرون الإشارة للمرور الى الفعل. إعلام مجرم وجد أخيرا من لا يقلّ عنه اجراما، رئيس أتت به صناديق الاقتراع و هو لا يؤمن بتلك الصناديق و غير مقتنع بكلّ العمليّة جملة و تفصيلا ، رئيس الصدفة و اللحظة ، عصابي متوتّر يمارس التقيّة و يظهر ما لا يبطن و هذا ما ثبت و اللّه أعلم.
رئيس صداميّ يفرّق و لا يجمع و يردّد بلغة ركيكة مصطلحات من قواميس الحروب و الصّراعات من صواريخ على منصّاتها جاهزة للإطلاق إلى رصاصة واحدة تجابه بوابل من الرّصاص إلى العلاج الكيمياوي و المضادّات. رئيس لا يستحي بأن يصف جزء من شعبه و كثيرا منهم انتخبوه بأنّهم هم الجائحة و الفيروسات، عبارات عنصرية مقيتة لم تصدر حتّى من هتلر أو موسيليني أو من أعتى السيكوپاثيين الطّغاة.
رئيس يظهر طهورية زائفة ، يزكّي نفسه و يضخّمها ، لا يرى و لا يسمع ، منفصم عن الواقع يتحدّث عن أعداء وهميين يعرفهم جيّدا دون أن يحدّدهم بالاسم ، أعداء وهميين هلاميين يطاردهم كما يطارد الأشباح كما كان يفعل دون كيشوت و هو يحارب طواحين الهواء!
الجميع فاسدون، غير صادقين، منافقون و المنافقون في الدّرك الأسفل من النّار لو تعلمون!
ماذا لو تلقّف أحدهم في ظلّ هذا الجوّ المشحون رسالته و توجّه مباشرة لأخذ حقّه من وزير المالية الهارب بالخزنة كما اتّهمه سماحته أمام الملأ زورا و بهتانا و دون دليل؟
ماذا لو أخذ آخرون حديثه عن المنافقين مأخذ الجدّ ليقيموا عليهم الحدّ؟
ماذا لو استجاب بعض ممّن اكتوى بمظلمة و توجّه إلى القضاة مباشرة لينتقم و ينتزع حقّه بعد حملة الترذيل الّتي طالتهم لأجل تدجينهم و إدخالهم بيت الطّاعة؟
ماذا لو توجّهت جموع الغوغاء إلى مراكز التبريد و التخزين و خرّبتها بعد توجيهات سيادته؟
و ما هذه التنسيقيات الّتي تركّز على الأرض؟ أليست حشدا شعبيا قد يمارس فظاعات مثل الّتي ارتكبت في العراق و سوريا باسم الله و الوطن و السّيد القائد؟
بحثت عن الخطر الدّاهم الّذي يتحدّث عنه سماحته و الّذي سمح لنفسه بأن يخرق به الدستور الّذي لا يوليه أيّة قيمة فلم أجد سواه خطرا حقيقيّا محدقا يتربّص بالوطن و الدّولة و الإنسان.
فاستفيقوا يرحمكم اللّه قبل أن يسبق السّيف العدل.