صلح حالنا إلى الخلف حتّى صرنا نمشي إلى الورى زقفونة،هكذا قال ابن القارح في رسالة الغفران، و" هي ليلة عاتية و رياح شمال هجهاجة و لعاب البحر و رماد السّماء" ، و ذاك ما كتب المسعدي في مولد النّسيان، وبين المعرّي و المسعدي تاه الزمن و انطوى ككبّة خيط لا تعرف لها طرفا.
انتحر المنطق و رمى بنفسه من أعلى حجرة سقراط لتدوسه حوافر الدّهماء و الغوغاء، ليعتلي الحجرة نقيضه و يتقيّأ و يتبوّل و يخور و يهيج كثور ادخلت في مناخيره ريشة طاووس.
هو النّكوص و الردّة للعقل، أيّ عقل؟ و ما العقل ؟ و ما فائدته؟
ما فائدة أن نربّي جيلا عاقلا يفكّر؟ و كيف ستقنع طالبا بدراسة القانون و علوم الفيزياء و الكيمياء و الرياضيات، و الفلسفة و المنطق ، و الاجتماع و الاقتصاد و السياسة؟
"مولانا" الّذي ينطق بوحي وساوسه و يهذي بما يطنّ في رأسه، القادم من خارج التاريخ و الجغرافيا كديناصور خرافي يقول و العهدة على الرّاوي أن لا فائدة في علمكم و في منطقكم و في عقولكم، و"طز" فيكم و في العالم و في سقراط، أنا المنطق و لا منطق سواي، أنا السّبيل الوحيد و أنا الصّراط..و تلك جنّتي و إن رأيتموها جميعا نارا و صكوك الغفران في جيبي، أوزعها على الأطهار من شعبي المختار و الويل و الثبور للمنافقين الخائنين الأشرار!
لا فائدة في أن نعمل و نفكّر و نتغيّر ، على العالم أن يتغيّر و نملي عليه شروطنا فيغيّر معادلاته الرياضية و الفيزيائية و الكيميائية و الاجتماعية و السياسية و الاقتصادية.
" لسنا في موقع التلميذ و ليسوا في موقع الأستاذ الّذي يسند الأعداد كما يشاء"جملة حفظها عن ظهر قلب ما يفتأ يعرضها بمناسبة و بغير مناسبة تكشف جنونا بالعظمة و استعلاء مرضيا و استهزاء بالتلميذ و بالأستاذ في آن واحد و بالعلم جملة و تفصيلا.
و يضيف: "على المؤسّسات الدولية أن تتعامل معنا كدولة ذات سيادة" و ماذا فعلنا لأجل أن تكون لنا سيادة؟ أسيادة لشعب يستورد ما يأكل و ما يلبس و يستجدي لقمة على حافة الرّصيف؟ أسيادة لمن لا يستثمر في الانسان و يعلّمه كيف يفكّر ؟
صدق أجدادنا حينما قالوا:" عاري الجسم و في إصبعه خاتم" ليضيفوا:" ممتطيا حمارا و هو يغمز" و ملخّصها : " الفقر و الفرعنة".
لم يكتف "مولانا" بذلك بل أرسل المبشّرين بعبثه ليفسّروا ما لا يفسّر، بدغمائية و تسطيح و وثوقية عمياء ، طارحين حلولا من خارج المنطق و عكس دوران عجلة التاريخ و غير قابلة لأن ترسم على خرائط الجغرافيا!
يمكننا أن نستبدل العملة و نرمي في الماء كلّ معادلاتهم و مؤشّراتهم و قوانينهم و كأنّنا دولة من كوكب آخر خارج مجرّة التبّانة!
منطق معكوس و صواريخ فاشوش، أكذب من عرقوب، أحمق من هبنّقة و أعجب من قراقوش!
صدق من قال بأنّ حالنا يشبه ذاك الصّاروخ الصيني الّذي تاه في الفضاء و لا يعلم متى و أين يقع، يبدو أنّ الارتطام الّذي سيقع لا محالة قد اقترب موعده، كونوا في الموعد يوم 10 اكتوبر القادم في مسيرة التحدّي بالعاصمة عسانا نخفّف من آثار الارتطام المدمّرة.