يا صديقي لا يوجد حلّ انثى أو حلّ ذكر الّا في أذهاننا المتخلّفة الّتي تعالج الأفكار بأعضائها التناسلية! هي أوّل امرأة في تاريخ تونس و العرب الّتي تعيّن في مثل هذا المنصب، طيّب و لماذا لم يكن من الأوّل ؟ لماذا يكون ذلك تحت الضغط و مباشرة بعد زيارة قائد الافريكوم و لقائه بقيادات الجيش و بعد التململ الفرنسي الأخير من وضعية التخشّب الّذي أصابت الرّئيس المنقلب و الّتي ازدادت بعد يوم 26سبتمبر المشهود؟
هو اذا تعيين وليس تكليفا أو إذن بتشكيل حكومة، وفق الأمر الرّئاسي117 والمادة 16 منه، ستكون بمقتضاه كما كتّاب الدّولة في فريقها ،مسؤولين بتنفيذ برنامج القائد، يعني بلغتنا" صبّابة ماء على اليدين"، الماء الذّي يحتاجه السيّد للوضوء ليصلّي حينما يأتي موسم الصّلاة!
قرار غير دستوري لرئيس فقد شرعيته ثمّ لمشروعيته الّتي يدّعيها.
قد تكون العصفورة الّتي أوجدها على عجلة من أمره و الّتي يعتقد أن لا شائبة فيها و هو يرمي بذلك الى ضرب عصفورين بحجر واحد:
_ارضاء و استرضاء للخارج الضاغط بقوّة لأجل رؤية حكومة تتشكّل و محاولته التغطية على شرعيتها و قانونيتها و قدرتها على مجابهة الصعوبات الاقتصادية و الاجتماعية و الأزمة السياسية بتسمية امرأة على رأسها و هي خطوة متقدّمة و صادمة في المجتمعات "الذكورية المتخلّفة" تطمئن المتشكّكين في المسار الجديد الضبابي و المجهول الّذي يدفع في اتّجاهه قيس سعيد تونس، لا خوف على مكتسبات الدولة المدنية و لا خوف على مكتسبات المرأة فهاهي تعيّن رئيسة لحكومة !
_تحويل النّقاش من مبدئيته و جوهره و تسويفه و تعويمه و جعله يدور حول الجندرية و النسوية و التفرقة الجنسية و الذكورية المقيتة و النّمطية المعلّبة و الحداثوية المزيّفة عوض التركيز على أصل المشكلة و المعضلة الحقيقية المتمثّلة في الانقلاب على الدستور و منظومة الاستبداد الّتي برزت كقمّة جبل الجليد.
صرت معارضا لقيس سعيد و سياساته و قراراته فأنت ضدّ المرأة مع أنّ الكثير ممّن انتخبوا قيس سعيد فعلوا ذلك لرأيه المعلن في قضيّة المساواة في الميراث!
كما أنّ كثيرا منهم اختاروه بعد صيحته الشهيرة " التطبيع خيانة عظمى" ليضع يده في يد المطبّعين من المتصهينين العرب!
و آخرون أعجبتهم فصاحة لغته العربية و تديّنه ليكتشفوا أنّ تلك كانت متطلّبات اللّقطة!
هو تاجر بالدّين و بالقضيّة فما المانع أن يتاجر بالمرأة؟
في الحقيقة هو ليس الوحيد الّذي يفعل ذلك و ليس ما يقع بالبدعة أو الجديد، فالدّين و المرأة و فلسطين هي سلع يستدرّ منها الرّبح السّريع و الوفير!
تعيين امرأة و التركيز على أنّها امرأة هو إثبات للنّظرة المجتمعية الدّونية للمرأة ، ففي الحقيقة كان من الواجب التعامل مع الذّوات وفقا لما تحمله رؤوسهم من أفكار و وفقا لكفاءاتهم بغضّ النّظر عن تضاريس أجسادهم و أعضائهم التناسلية، زيادة على أنّ الرّئيس المنقلب كان يبحث عمّن لا تشوبه شائبة و عن الولاء الأعمى في ظّل توجّسه ممّن له القدرة أو الامكانية للخروج عن طوعه أو الانقلاب عليه، لذا فهو كان يبحث عن طرطور أو طرطورة ،و بناء على ذلك فإنّ ما أقدم عليه لا يعدّ تكريما أو تشريفا للمرأة بقدر ما هو استهانة بها و ترذيل لها بعد أن رذّل كلّ شيء.
لذلك صديقي أكرّر لك لا يوجد حلّ أنثى أو حلّ ذكر، هو حلّ واحد لا غير،اسقاط هذا الانقلاب و معالجة العطب التاريخي الّذي وقعت فيه البلاد و محاسبة المتسبّب أو المتسبّبين فيه، سيأتي ذاك اليوم لا مفر.