طيّ الصّفحة ممكن

جدل كبير يثار حول جدوى المشاركة في الانتخابات الرّئاسية المزمع إجراؤها يوم الأحد القادم 6 اكتوبر2024، و كلّ يعرض براهينه و يفسّر موقفه و يعتقد أنّ موقفه سليم و هو الأصوب، كلّ فريق متشبّث برأيه راميا الطّرف الآخر بالسّذاجة و الغباء و بأنّه يخدم من حيث لا يدري المنظومة الانقلابية الّتي يتّفق و يسعى الفريقان لاسقاطها،بمعنى اتّفقا على الهدف و اختلفا في الطّريقة و تنازعهما قد يحرمهما من تسجيل أيّ هدف!

اختلاف الفريقين، و هما في الحقيقة فريق واحد، يكمن في إختيار طريقة اللّعب أيّاما قبل المباراة و هو ما قد يجعله يخسر المقابلة بل قد يُحلّ الفريق و يُحرم من اللّعب في المستقبل.

و السّؤال الملحّ الّذي يجب أن يطرح هو: هل بإمكان أحد الفريقين أن يقنع الجميع بأنّ طريقته هي النّاجعة للفوز و هزم المنافس؟

ثمّ هل من المعقول إعلاء سقف الأهداف إلى أقصاها في ظرف نعجز عن تحقيق أدناها؟

و هل قمنا فعلا بدراسة المنافس كما ينبغي كما فعل السّنوار و هو في سجون الاحتلال،لنستنبط كيف نواجهه؟

من الوهم الترويج بأنّ المنافس ضعيف يترنّح ،نحن الضّعفاء من نترنّح،فرقتنا و أنانيّتنا و اندفاعيّتنا الغرائزيّة و غياب الحوار و تغييب العقل و الاستبداد الكامن في كلّ واحد منّا و الزّعامتية المنتشرة لدى نخبتنا و العمى الايديولوجي ،هي ما جعلتنا كذلك.

هل تعلمون أنّ المنافس قويّ،بكلّ تلك القوّة الصّلبة و ببعض من القوّة الانتهازية اللّينة، بقضاء صار وظيفيا يدار بالتعليمات و إعلام مدجّن موجّه و رأس مال جبان و اتّحاد شغل همّه أن ينجو بنفسه،و غالبيّة شعب يتّكئ على الكنبة يتفرّج و كأنّ الأمر لا يعنيه، و وعي وقع قصفه مدّة سنوات و جهل و فقر و خراب أصاب الكينونات،و عالم منافق أحول لا يرى فينا سوى زوائد دوديّة أو طفيليّات أو مصبّا للنّفايات!

تعقّلوا يا سادة و لا تكونوا كالمنظومة الّتي تبيع لنا الأوهام و الضّراط!

تقولون أن لا فائدة في خوض مباراة معلومة النّتيجة،على أرضية المنافس و بحكم منافس مع غياب كاميراهات المراقبة و باتّحاد كرة منافس ، و أنّ الغياب هو الأسلم لأنّ ذلك سيعرّيه و يحرجه و يعزله و يحرمه من لقطة يبحث عنها يعرضها في التلفزيونات العالميّة ! ألا تعلمون بأنّه من السّهل إخراج تلك اللّقطة؟

ثمّ متى كانت سلطة لا تستحي تخجل من أن تتعرّى و هي تتبوّل علينا ليلا نهارا ؟

هل تهمّها نسبة المشاركة في انتخابات فُرضت رفعا للحرج و ذرّا للرّماد في العيون ،أرادوها فسحة و عرسا و بيعة لزعيم مصاب بالپارانويا و جنون العظمة جنّ جنونه لمّا تقدّم من ينافسه و هو الّذي يعتقد أن مثله لا ينافس!


• هل تهمّ الشّرعية الأفقيّة من يتوهّم أنّ شرعيّته عموديّة؟

• هل تؤثّر فيه العزلة و هو من يحبّذها؟

هل سمعتم أحدا من منتسبي الفريق المنافس يشجّع على المشاركة في الانتخابات أو يجيّش لها؟ ثمّ أين هي تلك الرّسائل الصّوتية الّتي كانت ترسلها لجنة الانتخابات لتحرّضنا على المشاركة و تقضّ بها مضاجعنا ؟

واضح أنّهم يدفعون نحو المقاطعة و من الحكمة أن لا تلعب بالطّريقة الّتي يريدها المنافس.

هي مقابلة خاسرة؟ من قال ذلك؟ ليس ثمّة أصعب من الهزيمة النفسيّة و كيّ الوعي،الوعي الّذي نهض كطائر الفينيق منتفضا من الرّماد،أيقضه طوفان الأقصى المبارك الّذي قلب كلّ المعادلات،فمنافسة من لا ينافس ممكنة، و هزمه ممكن و تحريرها من النّهر الى البحر صار ممكنا.

تلك هي المقاومة و تلك هي المعادلة،نصر المقاومة في بقائها و صمودها و استمرارية فعلها المقاوم،ففي بقائها فناء لمن تقاوم.

في حالة الغياب عن المباراة سيُعلن عن فوز المنافس و ستُقام الأفراح و ستُقرع الطّبول ، و سيصوّرونه فوزا عظيما مستحقّا و لن يفيدك الاستدلال بنسب المشاركة الضّعيفة الّتي بمقدورهم أن ينفخوا فيها لترضي غرورهم، و سيكون ذلك بدون جهد أو قطرة عرق أو أدنى كلفة،ليستمرّوا بأريحيّة في عبثهم لسنوات أخرى لن تكون خمسا بل بعدد سنين ما بقي الزّعيم على قيد الحياة!

الغياب عن المباراة و الانسحاب من المنافسة يعني قتل روح المنافسة و ربّما حلّ الفريق لتكون تلك آخر مباراة.

هل المطلوب هو الفوز ؟ لم لا؟ حتّى في ظلّ اختلال موازين القوى و استعمال المنافس لكلّ الأساليب للفوز باعتباره قضيّة وجودية بالنّسبة له،طيّب ماذا لو زوّر و هذا ممكن أو استدعى قانونه ليغيّر النّتيجة و هو متوقّع؟

فليكن ذلك،سيكون إرباكا للمنظومة و إضعافا لها و بالمقابل ولادة حقيقية لفريق محترم قادر على المنافسة و الفوز، بإمكانه أن يخوض مباريات أخرى في المستقبل،في المناسبات الرّسمية أو الودّية في الملاعب أو في بطاحي الشوارع.

لنحافظ على نواة فريق يستطيع أن ينجز لنا على الأقلّ المتاح الأدنى،يخسر،يتعادل،أو يربح،لا يهمّ ذلك الآن بقدر أن يلعب بجدّية و ينهك المنافس حتّى لا يُحرّم الأخير التّنافس.

فلنشارك بكثافة إن كنّا نريد تغييرا أو نسعى لأن نبقي أمل التغيير متاحا،فغلق قوس العبث ممكن و طيّ الصّفحة ممكن و لو بعد حين.

Poster commentaire - أضف تعليقا

أي تعليق مسيء خارجا عن حدود الأخلاق ولا علاقة له بالمقال سيتم حذفه
Tout commentaire injurieux et sans rapport avec l'article sera supprimé.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات