تبّا مستوحاة من القرآن الكريم و تبّا مستعارة من الأستاذ الحاج مسعود، و تبّا أصيلة من نفسي و تبّا مواء من قطّي، من خُصي و هو صغير و حرم متعة وطئ القطط العابرة ،و تبّا لكلّ هؤلاء المخصيّين المستلبين أدعياء التّمدين و التحضّر و التّنوير!
في بلد الصّفوف و الطّوابير و رحلات البحث اليومي عن السكّر و الزّيت و الطّحين و قوارير غاز الطّهي، و بين تناوب لانقطاع ماء و كهرباء ،و انتشار لفقر و بطالة و غلاء و ارتفاع فظيع لمعدّلات الجريمة و الانتحار و انهيار لصحّة و تعليم و نقل و حالة من الانسداد التّام و العجز و الفشل و التخشّب ،يخرج من يتحدّث عن جريمة كبرى في حقّ التقدّم و التّنوير و مدنيّة الدّولة و خطورة خلط السّياسة و العلم بالدّين!
في بلد سلطة الفرد الواحد و الرّأي الواحد ،لم تنتعش فيه سوى السّجون ، و فيها تقبع سيّدة مناضلة أفنت عمرها في الدّفاع عن حقوق الإنسان و المظلومين و هي تخوض معركة الأمعاء الخاوية منذ أيّام، و فيها شيخ جاوز الثمانين و فيها أخريات و آخرون بعضهم لا يعلم لأيّ سبب هو مسجون، و في بلد يستجدي القروض لأجل صرفها في مجاري الصّرف الصحّي، و في بلد العبث و التّفاهة و الرّداءة و الجنون، تجد من تثيره كلمة نكاح و يستفزّه عنوان رسالة ماجستير لطالب في جامعة الزيتونة!
مع أنّنا وفق توصيفهم للكلمة جميعنا منكوحين!
من المؤكّد أنّ هؤلاء السّدنة و حرّاس معبد الحداثة المزعومة من المستشرقين المخصيّين و دعاة التّنوير و التّمدين ، أحفاد جول فيري و جنود النيوكوليونالية المخلصين، لم يقرؤوا رسالة الماجستير المثيرة للجدل و لم يناقشوها و ربّما لم يحضروا مناقشتها فهم يخوضون فقط كعادتهم في العناوين!
أحكام، نكاح، فقه، جامعة الزيتونة،كلمات مفاتيح ترفع لديهم منسوب الأدرينالين و تستثير خلاياهم لقذف الهيستامين و ربّما هرمونات أخرى كالتستسترون مع ما تحمله كلمة نكاح من ايحاء جنسي و إثارة حسب عقلهم "النقدي"،و يبدو كذلك أنّهم لا يستحضرون من "تنويرهم" المعلّب المستورد سوى القشور و الشّعارات المفرغة من المضمون.
لا فائدة تذكر في التّذكير بمعاني الكلمات فهواة التّنميط و التّعليب و التّزييف لا تهمّهم المعاني و هم يمارسون هوايتهم المفضّلة في التّسطيح و التّهويش و التّرهيب و الوصاية الفكرية و النّظرة الدّونية لمجتمع يعتبرونه قاصرا يحتاج الى تنويرهم و تمدينهم و توجيههم.
فلا غرابة و هم المنبتّون المزروعون المنتشرون كتفريخات سرطانية في الجسم أن لا تستفزّهم جرائم الإبادة في غزّة أو الاستبداد و انتهاك حقوق الإنسان في أوطانهم فيستنفرون لأجل رسالة ماجستير لم ينتشر خبرها سوى بإصدار بيانهم.
تبّا مرّة أخرى.