كان جالسا صحبة جمع من رواد المقهى يحتسي قهوته و يبادلهم اطراف الحديث يبدو أنّه كان حول ما يجري من أحداث في البلاد بعد أن أعزّنا الله و صرنا نخوض فيما كان محرّما و خطوطا حمراء بعد ان كنّا لا نفتح افواهننا إلاّ للأكل أو عند زيارة طبيب اسنان!
نطّ في اتّجاهي حينما رآني و كأنّه أصابه مسّ من الجنّ أو تعرّض الى تيّار كهربائي ذو ضغط عالي ، اطلق أسارير وجهه ضاحكا ملء شدقيه و كأنّي به قام بحركة ما بإحدى يديه و صاح في وجهي متحدّيا :اطلقوا "القروي"...وجدوا له "مخرجا" مناسبا...ارأيت ؟..الم تقل أنّهم لن يطلقوه؟
الحقيقة أنّه فاجأني،فالخبر كان طازجا و لم أجد من العبارات ما أردّ عليه فمهمهت على غير عادتي : "هنيئا لكم بمجرمكم طليقا".
أصابني بعض الذهول و اعتراني شيء من الارتباك و ارتسم على صفحة وجهي خطّ جديد من الحزن،احتسيت قهوتي الايطالية جرعة واحدة كما يفعلون هناك دون أن أجلس او أشعل سيجارة لأعود مسرعا الى عيادتي.
كان السؤال المثير الذي جعل نيروناتي تدخل في حالة طوارئ هو من أطلق القروي؟ و هل هو من فوق أم من تحت؟..استعرضت كلّ الضّغوطات الّتي مورست من قبل على القضاء ،من نواب فرنسا ثمً من ماكرون،من رئاسة الجمهورية ،من رباعي الدفع للحوار و من..من...و لم يطلق القروي لأجد جوابا فيما صرّح به العميل "الاسرائلي" آري بن ميناش" الّذي كان له لقاء ثان بممثّل عميله كان نتيجته طلق القروي.
نعم هي الضغوطات الشديدة و الغازات المركّزة الضاغطة التي من الممكن ان تجعل المرء يطلق الرّوائح الكريهة.
كان فخرا لنا أن رفض قضاؤنا الموقّر ما سبق من ضغوطات لكن يبدو أن لتحمّل الضغط حدود.
استرعى اهتمامي فيما قاله بن ميناش، كيف أنّهم يحدّدون لنا مصيرنا و يوجّهون مسارنا كما يودّون و يتحكّمون فينا من وراء السّتار ثمّ يتهكّمون على من يتعاملون معهم كوكلاء واصفين إياهم بالاغبياء.
ما تكشّف للعموم هو معلوم و هو ما سيجعل معركة الصناديق القادمة هي معركة الاستقلال الحقيقي و خطوة نحو الانعتاق و التحرّر من الاستعمار و الاستحمار.
هي لحظات لن تتكرّر دائما فاغتنموها.