حتّى تلك التي تصول وتجول تحت قبّة البرلمان. إنّها جمالية القبح الفاشي في أعتى تجلّياتها: الغطرسة والعربدة والعبث بكلّ شيء واغتصاب المعاني والاستعراض المشهدي لدور الضحيّة والإيهام بسرديّة الدّفاع عن الحداثة.
في الفاشية يذكر التاريخ أنّ النساء هنّ الأكثر شغفا بالدكتاتور وأنّهنّ يتقمّصن صورته ويصبحن طوع أمره. وكان لموسيليني جمهوره الكبير من النّساء الفاشيات الشغوفات به إلى حدّ الوله، وإلى حدّ البحث عن سبيل ليفعلن كلّ "ما يليق بامرأة فاشية" على حدّ عبارة إحدى الوالهات بموسيليني في رسالتها له.
النائبة التي تصول وتجول في برلماننا تسعى إلى أن تقوم بكلّ "ما يليق بامرأة فاشيّة" من استماتة في تقويض التجربة الديمقراطية وتعطيل أيّ تقدّم لها وترذيل الانتقال الدّيمقراطي واستدراج البقيّة إلى نفس المناخات: مناخات العربدة والعنجهيّة والعنف اللفظي، وأيضا ممارسة الفاشية مع نساء أخريات في حزبها بالطّرد والتنكيل لأسباب واهية.
إنّها "الجهادية الفاشية" الوجه الآخر للجهادية السلفية التكفيرية، وكلاهما منتوج الاستبداد. كلاهما صنع في مناخاته.
هي المرأة حين تخرج من رحم الديكتاتورية ولا تقطع الحبل السريّ فتظلّ تتغذّى بثقافة ما قبل الدّيمقراطيّة وتبرمج ذاتها على تخريب كلّ بناء وعلى تشويه كلّ ما هو جميل فتعيد إنتاج القبح الذي أنتجه الاستبداد. ومن المخزي أن تنتج المرأة في شهر المرأة الذي خرجت فيه النّساء لتغيير التاريخ وصنع الجمال القبح، وأن تتحوّل إلى أداة وظيفيّة لدى أعداء التجربة الديمقراطيّة.
كلّ النّساء جميلات.. نعم حين تكون المرأة صانعة للجمال والحياة، أمّا حين تصبح صورة لليليث في الأسطورة السومرية، روحا للعواصف المدمّرة لكلّ شيء، فإنّها تصبح خطرا لا بدّ من مقاومته بسيف جلجامش. سيف القانون الحاسم.
كلّ النساء جميلات.. ربّما على الشّعراء أن يكفّوا عن هذه الخزعبلات.