التواطئ الوقح والمخيف للأنظمة العربية

نجا الموتى ولم ينج أحد من الأحياء. سقطنا ونحن نشاهد التواطئ الوقح والمخيف للأنظمة العربية. بترت ألسنتنا ونحن نعاين التهاوي المفزع لما بنته الإنسانيّة بعد أن اتّفق الجميع على تقديم أهل عزّة قربانا لقوى الدم والخراب.

بعد الرحيل التراجيدي للغزاويين من الشمال إلى الجنوب، يطالبونهم الآن بمغادرة رفح. فأين سيذهبون وإلى أين سيغادرون وقد تألّب عليهم " الإخوة " الوظيفيون والأغراب؟

لا أدري إن كان التاريخ قد اختزن هذا القدر من العبث بالبشر فقد كانت الأرض في الأغلب مفتوحة لمن يرغبون في مغامرة المغادرة ولكنّي أعتقد أنّ العالم يبلغ الآن ذروته في انعدام الأخلاق وهو يحوّل القتل داخل أرض محاصرة إلى فرجة عالميّة مباشرة يتلذّذ بها المتواطئون.

لا أمل لنا في الحاضر ولا مستقبل قريب. وربّما بعد عشرين أو ثلاثين عاما حين يكبر الأطفال النّاجون الحاملون على أجسادهم وشوم الرعب، سيذكرون غزّة الجميلة التي تنام على شاطئ ساحر وسيتوقون إلى العودة.

العودة، العودة دوما هي الفكرة الثابتة في زمن لا ثبات فيه، وحدها ستحمل أجيالا قادمة على مقاومة سيولة العالم التي تذيب كلّ ما هو صلب وتشكّك في كلّ مبدأ وقضيّة، وعلى السير ضدّ مجرى السّيل الذي يجرف الجميع ويحملهم على الصمت وقبول الأمر الواقع.

صمت حوّل العالم إلى عالم أخرس ولئيم لولا قرع أجراس الشعوب الحيّة.

نجا الأموات لأنّهم ظلّوا يحملون أحلام العدالة حتّى الأخير. ولم ننج نحن الأحياء بعد أن فقدنا كلّ ثقة بهذا العالم، وكلّ أمل بإمكانيّة الخلاص. فقدنا الأمل بوجود أقلّ بؤسا للإنسان. يأس لا ترفعه عنا سوى بطولة خارقة يحاولون قطع يديها. وإنّها لمعجزة الإنسان الحديث.

Poster commentaire - أضف تعليقا

أي تعليق مسيء خارجا عن حدود الأخلاق ولا علاقة له بالمقال سيتم حذفه
Tout commentaire injurieux et sans rapport avec l'article sera supprimé.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات