أغنية الراب التي تغضب الرؤساء
حدث منذ سنتين أن أثارت أغنية " باتريا إي فيدا " أو "الوطن والحياة " غضب حكومة هافانا الاشتراكية، وكتب الرئيس الكوبي على تويتر: "أغنيتكم المستفزة لا تخيفني ولا تهزّني. أدرك أنّه طالما شمس الكرامة تسطع لن يستسلم أحد هنا، لا الاشتراكية ولا الوطن ولا الموت " ولاحظوا أنّه لم يشر إلى الحريّة ذلك أنّها لدية ترف برجوازيّ لا يعني سوى " اليمين المتعنت "، المتهم دوما بالعمالة للخارج.
الأغنية كانت رفضا من مغنيي الراب للشعار الثوري في كوبا: " باتريا أو مويرتي “ أي الوطن أو الموت.، ودعوة إلى " فجر جديد" ينعم فيه الناس بالحريّة إذ تقول: "انتهى.. الشعب سئم ". وكان ذلك كفيلا بجعل الطبقة السياسية في كوبا تهتزّ لإدانة العمل باعتباره " انتهاكا سياسيا فاضحا"، وإرباكا لسياسة ثقافيّة وضع شعارها فيدال كاسترو: كلّ شيء مسموح لدعم الثورة. كلّ شيء ضدّها ممنوع.
لا أدري ما الذي ذكّرني هذه الأغنية بالذات من جملة الأغنيات الممنوعة، ولكنّ الأكيد أنّ معركة الشباب في هذا العالم المعولم بكلّ تقنياته المذهلة من أجل الحريّات لن تتوقّف، وأنّ قمع حريّة التعبير باسم “ الثورة " و" الكرامة " وكلّ الكلمات الكبرى تخفي في الحقيقة ثغرات بنيويّة في أنظمة اختارت تغييب الحريات بدعوى تحقيق الأهداف المصيرية للبشرية.
معضلتنا هنا أن العدالة والكرامة غائبان أيضا، وأنّ " الديمقراطية الجديدة " المنقلبة على الديمقراطية الليبيرالية " المستوردة" والتي تعد بالعدل مقابل الصمت لم تنجح في جعل شمس الكرامة تسطع، واكتفت بجعل كلّ ما ضدّها ممنوعا.
حتّى الأغنيات.