سيهبنا أبطال هذا البرلمان أعظم الأعمال الكوميدية وأشدّها مرارة. تماما كما وهب النصف الأول من القرن العشرين بهزّاته وزلازله شارلي شابلن أشرطة عظيمة مثل الأزمنة الحديثة والديكتاتور العظيم وأضواء المدينة والسادة الجسورين وحياة كلب والسيرك والسيّد فيردو..
يكفي أن يتوفّر ممثّل ومخرج في عبقرية تشارلي شابلن حتى تصبح لدينا مؤسسة سينمائية ضخمة تستمدّ مادّتها السينمائية لعشر أفلام على الأقلّ ممّا يحدث في برلماننا العجيب. شيء فوق الخيال وفوق المحال: مناورات وتقلّبات وانقلابات وتقاطعات غريبة وتجاذبات عجيبة وقصص عشق جديدة وقطع طريق واحتلال واعتلاء واعتصام..
يا إلهي..
أفضّل أن تكون أشرطة صامتة على طريقة شارلو.. فقط نشاهد الأفواه تنفتح وتغلق والأيدي ترتفع وتتوعّد والكراسي تطير والصور والأوراق والأثوات والأغطية والأبسطة والفناجين تسبح..
سيكون هناك في الشريط الديمقراطي ونصف الديمقراطي والديمقراطي إلا ربع ومن لحق قطار الديمقراطية وهو يسير، وسيكون هناك الفاشية وعشّاق الفاشية وأنصاف العشّاق وأرباعهم والعاشقون صمتا ومن بعيد لبعيد.. كلّهم يتحرّكون في الشريط ويتواصلون غمزا وهمزا ولمزا.. دون صوت أرجوكم.. لا أريد صوتا.
في الأخير فجأة، يجتمعون في صور تذكارية على المدارج، ويظلّ الصعلوك كما في شريط أضواء المدينة وحيدا حزينا يجوب الأرصفة.. حتى يعثر على الفاتنة العمياء ( فيرجيليا شيريل ) لتهبه وردة بيضاء.
ذلك الصعلوك الحزين الذي أراد إسعاد هذا العالم.. هو نحن.
شكرا لهذا الزخم الديمقراطي الذي لا يحتاج سوى عقلا مبدعا حتى يصبح سرديّة كبرى.