ليس هذا زمن الشعارات. لقد ولّى ذاك الزمن وتداعت الأنظمة التي ظلّت تحتمي بها للتغطية على جرائمها في حق شعوبها. وليس هذا زمن البكائيات والمراثي، ولا الحماسة أيضا، ولن نكتب أيضا يوميّات حزننا العادي ولا قصيدة الحزن ولا يا حزن، ولا هوامش على دفتر النكسة.
أدب الهزيمة ليس هذا زمنه. حتى أغاني فيروز العظيمة: سيف فليشهر، سنرجع يوما، زهرة المدائن.. التي طبعت طفولتنا إنّما تتعلّق بزمن آخر. وسنتذكّر عبارة سعدالله ونوس: "كم مرّة قتلتنا الخيانة.. دون قتال " ولكن لن نقف عندها طويلا.
هذا زمن آخر. زمن التحالفات المعلنة و"المشروعة" و"المبرّرة" مع دولة الاحتلال، وهو يحتاج انتصارا على " الشقيق" المتصهين قبل العدو الصهيوني. ويحتاج مقاومة للتصهين الثقافي الذي يشيع في الداخل قبل الخارج.
ما يحدث الآن هو تحالف غايته تصفية القضية الفلسطينية، والقضاء على التغيير الديمقراطي الذي يهز المنطقة العربية في آن واحد. تحالف يتمّ في وضح النّهار. بنفس الصفاقة التي حارب بها النظام العربي المتحالف، وفي وضح النهار، الثورات العربية والتجربة الديمقراطية في تونس. إنّها غاية مزدوجة الأهداف: محو فلسطين، ومحو التوق إلى الحرية والديمقراطية.
مقاومة التطبيع يبدأ الآن وهنا بإنجاح التجربة الديمقراطية ومنع تخريبها. مقاومة التطبيع له سبيل واحد: مقاومة الفاشية.. هنا وهناك. وكلّ تطبيع مع الفاشية هو تطبيع مع الصهيونية.
لا وقت للحزن. إنّه وقت النضال الديمقراطي ضدّ أنظمة ستسقط الواحدة بعد الأخرى في "العشق الصهيوني" لتحتمي به من إرادة الشعوب.