الالتقاء الموضوعي بين قُطّاع طرق الدنيا وقُطّاع طرق الاخرة

Photo

اليسار المقصود هنا هو الغالب على المشهد العام في تونس، وهو اليسار الثقافي او يسار الكافيار او اليسار الوظيفي القائم على حراسة خرافات النمط المجتمعي التونسي،وهو مجموعة وظيفية في خدمة المنظومات الحاكمة ولا علاقة له باليسار الوطني الذي كان ومازال شريكا ضروريا لبناء جمهورية مواطنة اجتماعية .

إنّ يسارا لا يعترف بيساريته ولا يستبقي من فلسفته إلا معاداة الدين بعد أن ارتد عن الجوهر الاقتصادي للصراع (هل سمعتم قياديا يساريا واحدا يذكر اسم ماركس او لينين او ستالين في اي وسيلة إعلامية، وهل رأيتم قياديا "يساريا" يذكر اسم الله ويصلي على رسوله خارج الحملات الانتخابية ؟)، إنّ يسارا لا يعرف لاهوت التحرير ولا يعرّف به بين المنتسبين اليه قبل غيرهم ، لا يمكن إلا ان يكون يسار "قطاع طرق " لا قطاع طريق واحد:

قطع طريق المعرفة( معرفة أدبيات لاهوت التحرير والمراجعات الماركسية الجذرية في السياقات الانغلوساكسونية وفي التيارات الفكرية مابعد الاستعمارية)، قطع طريق المواطنة( مواجهة السلفية الدينية بسلفية ماركسية لا تقل عنها دوغمائية واغترابا وبؤسا وخطرا على التعايش السلمي بين المواطنين)، قطع طريق مواجهة الارتهان لإملاءات الرأسمال المعولم( بالتحالف مع البرجوازية اللاوطنية التي تمثل نواة المنظومة القديمة المرسكلة في نداء تونس)، قطع طريق تجاوز الصراعات الهووية والمنظورات الثقافوية( استصحاب منطق التناقض الرئيس والتناقض الثانوي الذي كان من أسباب تصحير الحقل السياسي وتدجينه بعد محرقة الإسلاميين في أوائل تسعينات القرن الماضي)، قطع طريق بناء أمن جمهوري ( بإعطاء غطاء نقابي للبوليس السياسي الذي كان الذراع الأمنية للبوليس الأيديولوجي في لجان التفكير التجمعية-التقدمية)، قطع طريق بناء الجمهورية الثانية(بالإصرار على إدارة الصراع مع الإسلاميين بمفردات الصراع الوجودي ، واستصحاب أنظمة التسمية التي أدار بن علي صراعه مع النهضة وغيرها من التعبيرات السياسية الاسلامية…)

إنهم حقاً قطاع طرق ، فإذا كان التكفيريون قد جلسوا للناس على طريق الآخرة فلا هم مروا ولا هم تركوا من يمر، فإن "التقدميين" قد جلسوا للناس على طريق المواطنة فلا هم مروا ولا هم تركوا مَن يمر…

قطاع طرق الدنيا والآخرة بعضهم أولياء بعض، أو لنقل انهم جميعا التجسيد المثالي للالتقاء الموضوعي بين الدوغمائيات يميناً ويسارا وذلك مهما تباينت أسبابها وغاياتها من إفشال الانتقال الديمقراطي ومنع ترسيخ ثقافة المواطنة.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات