بعيدا عن الادعاءات الذاتية، وبعيدا عن الخطابات المعدة للاستهلاك الانتخابي، فإنني أعتقد أن المشاريع السياسية لأهم الفاعلين السياسيين في تونس هي المشاريع التالية :
:1-مشروع حركة النهضة: أن يصبح "المسلم الديمقراطي" مكونا ثابتا ومعترفا به في المنظومة الحاكمة(ومن ورائها في المنظمة الدولية الامبريالية) حتى ولو كان ثمن ذلك إعادة إنتاج السياسات التجمعية التي قامت عليها الثورة، والتنكر لأي أفق إصلاحي قد يهدد مصالح النواة الصلبة للدولة الزبونية-المافيوزية ،أما الشعار المغالطي الذي يختزل ذلك كله فهو"التوافق" (التوافق على إدخال النهضة إلى حلقة الوكلاء المعتمدين للمصالح الامبريالية مقابل إعادة التوازن للمنظومة الحاكمة مع تعديل جزئي في آليات اشتغالها وتوسيع جزئي لقاعدتها الزبونية والجهوية .
:2-مشروع الجبهة الشعبية ومحسن مرزوق وكل حوانيت"العائلة الديمقراطية": أن يسترجع يسار الكافيار وكل الطوابير الخامسة للتجمع وظيفة الجناح الثاني للمنظومة الحاكمة (ومن ورائه للمنظومة الدولية الامبريالية) حتى ولو كان ثمن ذلك تتفيه الارادة الشعبية وضرب المسار الديمقراطي ،بل حتى لو كان ثمن ذلك تونسة السيناريو المصري أو عودة الاستعمار المباشر، أما الشعار السفسطائي الذي يختزل ذلك كله فهو "حماية النمط المجتمعي"(أي حماية مصالح البرجوازية الصغرى ذات التوجه التغريبي وفرض أساطيرها الخاصة على مجمل فئات المجتمع)
:3-مشروع الدولة العميقة: تخفيف الضغط على"الجناح التجمعي" بتغذية الصراعات الثقافوية والعمل على تهميش الصراعات الاجتماعية او الاقتصادية والدفع بها إلى خلفية المشهد العام ، وهي سياسة تبقي اليساريين والنهضويين جميعا في حاجة إلى إثبات "اعتدالهما" و"وسطيتهما" أمام الرأي العام الوطني والدولي، ولا شك أن أفضل طريقة لتحقيق ذلك هي التحالف مع ورثة "المشروع البورقيبي" أي مع الوكلاء الموثوقين للامبريالية، ولا يحتاج هذا المشروع لشعار خاص لأن كل الشعارات المتنازعة تخدمه بالضرورة.