ما الفرق بين الاستئصالي والتكفيري من جهة تعطيل المسار الديمقراطي؟

Photo

تصدير: بصرف النظر عن طبيعة "المشروعين" وعن الاختلاف المؤكد بينهما في مستوى المرجعيات والمصطلحات والغايات النهائية، هل هنالك فرق حقيقي بين الاسلامي التكفيري الذي لا يرى للعلماني مكانا في "دولة الخلافة"وبين اليساري الاستئصالي الذي لا يرى للاسلامي مكانا في "دولة المواطنة"…؟؟؟

إن ما قاله "الرفيق" منجي الرحوي (أشهر"ممثلي" الخطاب الوطدي المتحالف تاريخيا مع الاستبداد النوفمبري بدعوى محاربة الرجعية الدينية وحماية"النمط المجتمعي")،وما قالته من بعده "المخرجة" سلمى بكار (خريجة المسار التي رقصت يوم النجاح "المؤقت" للانتخاب المفيد ظنا منها أن ذلك هو يوم"نهاية" الإسلام السياسي) ، إن ما يقولانه عن تونس التي ستكون أفضل بدون النهضة في الحكم وفي المعارضة (أي ما يدعوان اليه من ضمنيا من حل حركة النهصة وتشريد المنتمين اليها مرة أخرى بين السجون والمنافي والمقابر، ومن باب أولى إيقاع ذلك بكل حركات الإسلام السياسي الأكثر راديكالية كحزب التحرير والسلفية العلمية)هو ما وقر في صدور اليسار الاستئصالي وصدقه اعتصام الرحيل ومن قبله جبهة الإنقاذ، وهو أيضا القناعة السياسية الأكثر حميمية عند جميع كلاب الحراسة الايديولوجية التي نظرت ل"صانع التغيير" ومن بعده لصاحب الكاريزما، والتي لم تجد حرجا أخلاقيا ولا سياسيا في الدعوة الصريحة الى "تونسة" السيناريو الانقلابي المصري من أجل إدارة خلافا السياسي مع الاسلاميين .

ولو أردنا صياغة أقوال "الرفيق"الرحوي و"المسارية" بكار انطلاقا من مواقفها السياسية ومن دورهما في وصول الباجي إلى قصر قرطاج وتغول مؤسسة الرئاسة لقلنا: إن دكتاتورية تجميعة جديدة يكون للرئاسة فيها صلاحيات مطلقة بحيث تهيمن على باقي السلطات التنفيذية والتشريعية(مع استثناء الإسلاميين من الحقل السياسي وإعادتهم إلى مربع المطاردة والتهميش والاستهداف الممنهج من طرف أجهزة الدولة الأمنية والايديولوحية)، هو خيار سياسي أحب إلى اليسار الاستئصالي من مشروع ديمقراطي حقيقي يشارك فيه الإسلاميون وغيرهم ، وذلك لأن تناقض هؤلاء الحقيقي ليس مع البرجوازية ولا مع الاستبداد، بل مع الإسلام ذاته (عقيدة وشريعة ورموزا وقيما وتاريخا ونمط حياة)، وليس تعارضعم مع حركات "الإسلام السياسي" الا الشكل الظاهر لتعارض أعمق وأكثر جذرية مع كل ما يتصل بالإسلام في مستوى الحياة العامة. ولكنه تعارض لا يستطيع "التقدميون" التعبير عنه صراحة نظرا لكلفته الانتخابية ونظرا لما سيكون له من آثار سلبية في مستوى الوعي الجمعي الرافض في أغلبه لكل ما يمس من مقدساته.

ليس الإسلاميون بهذا المعنى(في مستوى البنية العميقة للخطاب) إلا "الموضوع المتاح" لتفريغ الشحنة"الغضبية" تجاه كل ما يمس "المقدسات العلمانية" وتجاه أي إعادة توزيع للسلطة والثروة على أسس تخالف الأسس الموروثة من عهد "حامي الحمى والدين" ، ف"الموضوع المقصود" من وراء كل البدائل وخلف كل المجازات هو "الإسلام ذاته" بصرف النظر عن كل الاستعارات التنويرية والتقدمية التي مدارها الفراغ وغايتها خدمة المشروع الفرنكفوني وتكريس التبعية الثقافية لبلاد"الانوار" في المستوى الخارجي، والدولة العميقة وشبكاتها الزبونية التقليدية في المستوى المحلي.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات