سياسيا، يمكن أن نقول إن موقف النهضة من الانتخابات التشريعية الجزئية بألمانيا هو موقف متوقع، بل هو الموقف الأكثر عقلانية وبراغماتية إذا ما تذكرنا أن التوافق مع العائلة "الدستورية" -وتحديدا مع نداء تونس- هو الخيار الاستراتيجي بالنسبة للحركة.
وبصرف النظر عن المواقف المعيارية من التوافق، فإن وصول حافظ قائد السبسي إلى المجلس النيابي-وهو أمر مؤكد رغم كل عنتريات المعارضة- لن يكون "فقط" نتيجة عدم منافسة النهضة له على مقعد ألمانيا، بل سيكون أساسا نتيجة التشرذم والخلافات التي تشق المعارضة-الحزبية والمستقلة- وعجزها عن تجاوز خلافاتها وتقديم مرشّح توافقي يفسد التوافقات السلطوية بين النداء والنهضة.
ولذلك لا معنى لشيطنة لحركة النهضة أو لاستهدافها بمنطق طهراني كاذب (فالنهضة أدرى بمصالحها الحزبية وليست مسؤولة عن انتظارات بقية الأطراف أو مصالحهم أو حتى خيباتهم في حشرها في هامش الحقل السياسي أو في مركز الاستهداف الأمني)، ومن الأفضل أن تتحمل المعارضة-بمختلف مكوناتها- مسؤوليتها السياسية قبل انتقاد النهضة أو النداء.
فالنجاح المتوقع لهذين الحزبين في إيصال ابن الرئيس لقصر باردو -أو حتى لقصر قرطاج- هو تتويج منطقي لمسار كامل من الارتكاسات والانتكاسات والصفقات التي لا يمكن تبرئة الكثير ممن يقودون المعارضة الان منها، خاصة "الجبهة الشعبية" وما يُسمّى مجازا "العائلة الديمقراطية" التي هي في الحقيقة عائلة "انقلابية" ومجرد مخزون استراتيجي أو طابور خامس لنداء تونس واللوبيات الجهوية-المالية-الأمنية التي تقف خلفه.
وللحديث بقية بإذن الله…