العنف لا ينبغي أن تكون له علاقة بالمواقف السياسية.. ورفضه في جميع مجالات الحياة أمر مبدئيّ حاسم لا يقبل المراجعة.. وهو أمر تقتضيه مختلِف التعاقدات الاجتماعية والسياسية.. وكلّ من يلجأ إلى ممارسة العنف لا يعبّر، بما يمارس، سوى عن عجز فكرته وضعف حجّته وعن رفضه لمختلِف التعاقدات تلك.. ومن كانت حجته بالغة لم يكن في حاجة إلى بطش يده لفرض فكرته.
ولي في ما جرى بين النائبين الصحبي صمارة وعبير موسي قول:
1. عبير موسي نائبة مكلّفة بمهمّة سوء استثمار الحرية لتلويث السياسة... و بترذيل الحياة البرلمانيّة عبر مشاهد فرجويّة مصطنعة حتى يرى الموطنون أصواتهم تُهدَر أمام أعينهم وتعبث بمصائرهم فيكفروا بالسياسة والسياسيين وبالحرية والثورة وبكلّ ما جاء بعد 14 جانفي 2011...
وقد مرّت على هذه النائبة سنتان وهي مثل الثور الهائج المنفلت من عقاله، تبتعد في كل يوم بسلوكها عن عالم الإنسان لتقترب من التوحّش.. وكان من المفروض على المنظومة، لو استقام أمرها، أن تطردها وأن تحلّ عصابتها المسمّاة حزبا حتى تستريح الديمقراطية وتفلت أصوات الناخبين من قبضة هرّ هزيل يحكي انتفاخا صولة الأسد.. إلّا أنّ السياق العام بمحليّه وإقليميّه قد أوسع لها لتعربد مثل القطّ الأسود في ثقافتنا الشعبية، مؤذ إذا مُسك ومؤذ إذا تُرك..
2. وقد نجحت، وهي النائبة المنتخبة، في أن تتحوّل إلى ظاهرة يدعونها بالفاشية كما نجح قيس سعيّد وهو الرئيس المنتخب في أن يتحوّل إلى ظاهرة يدعونها الشعبوية... والظاهرتان شريكتان في ترذيل السياسة وإرباك المشهد وتعطيل المسار.
3. وتبقى عبير موسي تلك التجمّعية التي تستغلّ مناخ الحرية لتمارس ثأرها من الثورة واستتباعاتها... ولأنّها فقيرة الخيال عديمة الحجّة عاجزة عن الإقناع، فهي لا تستعمل غير شمّاعة "الخوانجية" تسند عليها عربدتها لتستميل نوابا آخرين غرايزيّين بلا عقول عرفت هذه النائبة كيف تستدرجهم ليصطفّوا خلفها رغم ما يبدو من ادّعاء رفضهم لها... فهي تأكل لهم الثوم الذي لا يحتملون أكله لذلك يرعون أسنانها من التلف حتى تؤدّي لهم مهمّة قذرة هي مهمّتهم، ولكنّهم يعجزون عن أدائها.
4. النائبة عبير موسي تمارس العنف منذ يوم انتخابها نائبةً ببرلمان الشعب الذي أقام ثورة ضدّ سيّدها وضدّ حزبها وضدّها هي شخصيّا وتبخّرت أحلامها بسقوط المنظومة التي كانت تتمعّش منها وتقع منها في ذيلها... لذلك فهي تمارس انتقاما ممنهجا من المنظومة الحالية... وقد تجاوزت بعنفها الحدود ولم تبق شيئا عنيفا إلّا فعلته... ومن فرط وقاحتها تأكل من البرلمان وتنعته بأنّه برلمان المرشد... وهي التي لم تسمع عن الإخوان شيئا قبل أن تعلّمها الثورة كثيرا ممّا كانت تجهل.
5. ما أتاه ضدّها النائب الصحبي صمارة هو نتيجة طبيعية لما زرعته النائبة عبير موسي بنفسها... هي بدأته بعنف فبادلها بعنفها عنفا... وليس مصادفة أنّهما تجميّعيان سابقان كانا يشربان من العين نفسها ويطعمان من الغذاء ذاته... ولم تجد لمشاتمته، بعد أن صفعها وركلها،غير قولها له " ياقلّاب الفيستة"... وهي عبارة لا تليق بمحامية خرّيجة الحقوق ولا بنائبة انتخبها الشعب ليشفيَها من أمراض الدكتاتورية التي ورثتها.
6. أمر آخر لا بدّ من لفت انتباه المتباكين على المرأة المندّدين بالعنف ضدّها إليه… الأصل أن لا فرق بين المرأة والرجل في بلادنا… العنف هو العنف أيّا كان الذي مارسه وأيًّا يكن الذي يمارَس عليه… لا فرق بين الرجال والنساء في شيء… فعنف الرجل ضدّ المرأة مرفوض مثل عنف المرأة ضدّ الرجل ومثل عنف الرجل ضدّ الرجل ومثل عنف المرأة ضدّ المرأة…
العنف لا يقاس باعتبار الجنس، بل باعتبار ما يحدثه في المجتمع من أمراض يصعب الشفاء منها… لأنّ العنف عاهة خطيرة تصيب المجتمع ولا تقف عند المجال السياسيّ. والذين يسارعون إلى إدانة "العنف ضد المرأة" لا يخرجون عن اثنين: إمّا أنّهم عنصريّون يقولون بالميز بين النساء والرجال وإمّا أنّهم يكيلون بمكيالين: ينفون فرق ما بين المرأة الرجل، ولكنّهم سرعان ما ينتكسون فيندّدون بعنف الرجل ضدّ المرأة لأنّ المرأة في فهمهم لا ينبغي أن يردعها رادع ولا أن يسريَ عليها قانون.