رغم كلّ الأسى الذى أراه في ما يُكتَب تعليقًا على ضياع يوم 17 ديسمبر من الذاكرة فإنّني على يقين من أنّ هذا الانقلاب هو قوس بذيء في مسار الثورة سينغلق.
أقول هذا لا لأنّني لا أزال أراهن على ثورة ينجزها الشعب كتلك التي أوقدها البوعزيزي بجسده يوم 17 ديسمبر 2010. أقول هذا لأنّني أرى أنّ نظام الانقلاب لا يملك أيّ شرط من شروط البقاء.. نظام ما زال في زمان فتوّته وقد أصابه الهرم حتّى لا تكاد تجد عاقلا واحدا يملك حجّة واحدة يدافع بها عنه.. نظام الانقلاب هو قوس من الفراغ كلّ الذي أنجزه أنّه هدم الدولة التي يتغنّى بالدفاع عنها.
أرأيتم كيف أنّ عقلاء العالم يتحدّثون عن نهاية إسرائيل استنادا إلى سقوطها في الاختبار الأخلاقي؟ الأمر نفسه يصدق على النظام الانقلابيّ الذي بنى نفسه على معادلة أخلاقيّة مختلّة.. ولا تجد من يملك أن يذكر له فضيلة أخلاقيّة واحدة. النظام يحتاج إلى مقوّم أخلاقيّ أدني، فمن الذي يذكره لهذا النظام ؟
اللعب على اختلافات الفرقاء والتسلّل بينهم لشقّ الصف الوطني وترويع المخالفين لا تحقّق سيادة يمكن أن تقوم عليها دولة.. صحيح أنّ الانقلاب كان استجابة لأهواء بعض اليائسين من الديمقراطية من هؤلاء الذين ظنّوا أنّ المشاركة في عملية سطو يمكن أن تقلب فقرهم إلى غنى. ولكنّ أفقر السياسيين اليوم هم أولاء الذين جعلوا من ظهورهم مطيّة للمنقلب وصل عليها إلى غايته ولا غاية له تتعدّى هواه الشخصيّ وهواه محدود جدّا وهمّته قريبة المهوى لا تذهب بعيدا.
17 ديسمبر كان فاتحة أمل كبير جاء من خارج الآمال من يطلب غلقه… غير أنّ أبواب الآمال لا يغلقها أحد… فكيف يغلقها من ليس به أمل؟