عصابة عبير موسي تستهدفكم وحدكم من دون الناس، في المدى المنظور على الأقلّ.. معاركها مع سواكم مؤجّلة... شركاؤكم في التراب والبرلمان وفي الاستفادة من الثورة لا يعنيهم أمركم ولو أُحرقتم وجُعلتم رمادا.. لن ينصروكم ولو عبّدتم أجسادكم وجعلتموها لهم جسور عبور.. هم يكرهونكم كما لا يكرهون أحدا سواكم.. وما جمعهم إليكم سوى الضرورة.. فمن قال "نحن لا نلتقي مع النهضة حتّى في الجنّة" كمن قال "لا تحكموا معهم".. كأشباههم ونظائرهم.. كلّ هؤلاء لا تسرّهم رؤيتكم على شاشة الحياة…
ولو تنازعتم مع الصهاينة لانتصروا لهم عليكم دون تفكير... وسيكتفون بالفرجة في أكثر الأحوال تفاؤلا.. في انتظار أن تكون الهزيمة من نصيبكم لأنّهم لا يرون نصرا مُسنَدًا إليكم وإن لم يعرفوا هم في حياتهم للنصر معنى... خصومكم هؤلاء هم آخر ما في جراب البلاد من الكراهية الفتّاكة.. وهم خلاصة الحقد الأعمقى.. ومبلغ العداوة القاتلة…
حرب عبير موسي عليكم صريحة صائتة.. وحربهم هم عليكم مضمرَة صامتة.. لا فرق بينهم وبينها لا في النوع ولا في الدرجة.. بل لقد كان غير قليل منهم في الصفوف الخلفية من جيش التجمّع الذي كانت تتصدّره بزغاريدها…
إنّ الذين نزلوا عن جياد عنادهم وحذفوا مانعهم من مغازلة نبيل القروي لأجل إغوائه بالتحالف معهم في سبيل استبعادكم لن يجدوا حرجا في معانقة عبير موسي لتحقيق مأربهم.. وهل من مأرب لديهم أولى من الخلاص منكم؟
من الحماقة أن تظنّوا أنّ عبير (ممنوعة من الإعراب) تتحرّك بعيدا عن شهواتهم.. ومن الغباء أن تظنّوا بهم ضيقا منها أو نفورا ممّا تصنع... هي تصنع بكم ما يعجزون هم عن عمله.. ولو وجدوا الشجاعة لأثابوها عمّا تفعل بكم.. من يدري؟ لعلّ الثواب يكون في الكواليس بعيدا عن الأضواء…
هم، الآن، في مرحلة يأس تدفعهم إلى الانخراط في حفلات عبير ولو بالصمت.. سقوط حكومة الفخفاخ أكل من رصيد الآمال لديهم.. وظهرت في طريقهم ملامح السراب.. وعبير تغذّيهم بمائها عسى أن يستردّوا ما تبخّر من آمالهم بفعل خروجهم من حكم لو دام لغيرهم ما وصل إليهم…
لو أنّهم أرادوا الدفاع عن البرلمان لفعلوا ولتواضعوا لكم لأجل المصلحة العامّة.. ولكنّ المصلحة العامّة لا تعنيهم من قريب ولا من بعيد.. نعرف عن بعضهم ما يندى له الجبين ولن يكونوا سياسيين صالحين طاهرين لمجرّد تزعّمهم الأحزاب وخروجهم في التلفزيون وافتعال العقل عند الحديث…
وأنتم تعلمون ذلك ولكنّكم لا تعترفون…
هم يظنّون أن حسن سير البرلمان يصبّ في مصلحتكم التي يعملون على نقضها.. "وسنعمل على ذلك" قال قائلُهم... تصريحات هؤلاء واضحة لا لبس فيها.. وحفاظكم على شعرة معاوية تربطهم إليكم في انتظار رشدهم، لا يجدي نفعًا.. هم يبحثون عن حكم بدونكم وعن معارضة لا حظّ لكم فيها وعن برلمان لا يقبل بكم نوابا به وعن شعب لا ينتخبكم وعن وطن لا مكان لقبر لكم فيه…
ذلك مبلغ حُلمهم…
لا تطلبوا إليهم شيئا.. فلو سألتموهم شربة ماء لوضعوا فيها السمّ لكم... أنتم تحاربون وحدكم في دغل من خصوم يرون فيكم لهم أعداء.. بعضهم قرّر، بعدُ، شنَّ حربه عليكم وبعضهم لم يحدّد وقت حربه بعد.. فارق توقيت لا أكثر…
ليس لكم سوى رصيد ناخبيكم وذكائكم وصدق بعضكم، لا كلّكم، وغير قدرتكم على المناورة... من حسن حظّكم أنّ خصومكم ليسوا من أهل الذكاء ولا هم ممّن يفهمون سياسة.. أغلبهم تغلب عليهم غرائزهم وتستبدّ بهم الكراهية.. فهم عميانها…
اعلموا أنّه ليس لكم من طريق غير ما تجترحون ولا من جدار يسندكم غير ما تبنون... انحازوا إلى الوطن كما لن يفعلوا قبل تسوية جبال الكره التي تسدّ عليهم منافذ أرواحهم.. ولن يفعلوا... لا تنتظروا حلولا من خارج ذكائكم…
لكم الدستور افحصوه والقوانين فتّشوا فيها.. لتصونوا الدولة ومؤسساتها وتصونوا أنفسكم... مُروا بعض نوابكم ونائباتكم بأن يتجنّبوا الردح المخلّ.. وامنعوا من كان عييّا منكم الصدارةَ..
اجعلوا روادكم أهل العلم والقدرة.. لا أهل عشق الظهور…
عوّلوا على أنفسكم.. فخصومكم يرون فيكم فريسة ينتظرون غرقها في دمائها ليجهزوا عليها بسكاكينهم الطويلة الحادّة… ارحموهم ولا تؤمنوا بهم … وابحثوا لكم عن نافذة للخلاص… ففي خلاصكم خلاص البلاد….