بن علي بقي ربع قرن يسمّي عهده عهدا جديدا حتّى تمزّق ثوبه الذي لبسه بانقلابه على بورقيبة وظلّ يصبغه كما يفعل بشعره... كان يقول إنّه هو تونس وهو الدولة وهو عنوان السيادة الوطنيّة ويحدّث عن معجزاته والناس يجوعون... كان مسؤولا عن كل صغيرة وكبيرة وهو لا يصنع شيئا غير إسداء تعليماته في مجالس وزرائه.. وكان يتّهم كلّ من يعارضه أو ينقده بالخيانة والعمالة والاستقواء بالأجنبيّ على بلاده.
وكان منصف المرزوقي على رأس هؤلاء الذي طاردهم بن علي وهاجمهم قوّادوه ولاحقوهم في داخل البلاد وخارجها بالتضييق والتشويه…
ثم هرب بن علي وصار المرزوقي هو رئيس الجمهوريّة من بعده.. ولم يضايق أحدا ولم يعتقل أحدا ولا خوّن من معارضيه أحدا.. وساهم في وضع الدستور الذي تسلل منه هذا إلى كرسيّ الرئاسة.
ما يلقاه الدكتور منصف المرزوقي من المنقلب ليس جديدا عليه.. هو فصل سخيف مما كان سبق إليه بن علي.. لن يضرّه في شيء، بل سيغفر أخطاءه ويزيد من رصيده.
من السخافة اتّهام المنصف المرزوقي بالخيانة الوطنيّة وهو الذي دعا الثورة الاستقلال الثاني.. استقلالا من الاحتلال الفرنسي الذي غيّر وجهه ولم يغادر بلادنا.. بينما يصرّ هذا على تسميته التي سمّى بها نفسه حين غزا بلادنا.. يصرّ على نعته بالحماية.
هذا حكم ببراءة فرنسا من احتلال تونس وحكم على المرزوقي بخيانة تونس لدى فرنسا.
المرزوقي رمز من رموز الوطن.. والاعتداء على الوطن يكون بتشويه رموزه. ويستمرّ المزمّرون يزمّرون.. ولا يتعبون.