الإعلامي حين لا يعدّ "درسه" ولا يستعدّ لعمله الذي يأكل منه الخبز لا يكون جديرا به. قلنا، غير مرّة، إنّ الثورة التونسيّة إنّما أُتيت من جهتَي الإعلام واتحاد الشغل، الجهتان كانتا ذراعي بن علي الباطشتين، وقد استُعملتا في اغتيال كلّ جميل في بلادنا، في زمنَي الاستبداد والحرية.
في حين عجزت الجهات التي انتخبها الشعب لحكمه عن صناعة سياسة إعلامية تواجه بها آلة التزييف التي تركها بن علي تفسق في الثورة وتعبث بالدولة حتّى انتهينا إلى هذا المصير المحزن.
كما عجزت تلك الجهات المنتَخبة عن الدفاع عن ناخبيها ضدّ التجمّع في صيغته النقابية بعد أن انطلت عليها حيلة حلّ التجمّع.. ربّما لو حُلّ الاتحاد وبقي التجمّع لكان الأمر أفضل. التجمّع ظاهر والاتحاد الذي أفسده بن علي كان تجمّعا ولكنّه مقنَّعٌ.
لمّا حُلّ التجمّع قفز توابعه إلى النضال النقابي يمتشقون سيفه مستعينين بأعقاب التجمع في النقابات، هؤلاء الذين مُكّنوا، قبل الثورة، من الشغل بدون وجه حقّ، ليُستعملوا على مراقبة النقابيين "الصحاح". وبعد أن قامت الثورة تحوّلوا من مخبرين عن النقابيين إلى قيادات "مناضلة" تحتكر "النضال" النقابي.
لقد نجح هؤلاء في الاستئساد على الدولة مستفيدين من مناخ الحريات كما لم يستفد أحد.. وعاثوا في البلاد فسادا ثأرا من الثورة واستتباعاتها.
اليوم سمعت "كرونيكورا" يدعى المكّي يأتي على قناة موزاييك أف أم رفقة زياد كريشان، تكلّم يحتجّ على الأحزاب والمنظّمات فقال إنّها لم تصدر بيانا في حادثة جربة.
ما أعلمه أنّ النهضة واتحاد الشغل كليهما أصدرا بيانين في الواقعة، ولكن "سي وخينا" "مش محضّر".. ياكل في الخبز بلا مجهود.
هذا الكرونيكور ينقد السلطة القائمة، ولكنّه يجعل من انتقاده لمخالفيها درعًا يتّقي به شرّها.