لست مع دعوات الانسلاخ من الاتّحاد العام التونسيّ للشغل التي يتداعى إليها بعض الأصدقاء احتجاجا على ما يأتيه بعض النقابيّين من "بلطجة" ضدّ من يخالفونهم في الرأي والموقف…
الاتّحاد، يا سادة، مكسب وطنيّ تاريخيّ.. فهو منظّمة وطنيّة عريقة وخَيْمة جامعة لكافّة العاملين التونسيّين المنخرطين بها، وحتّى غير المنخرطين.. هو منظّمة تنتصر للعدل على الظلم.. وللخير على الشر.. وللصلاح على الفساد.. وللبناء على الهدم.. وللإنجاز على الكسل.. وأن يقوم عليها بعض المنتفعين المتمعشين الذين لا كفايات لديهم ولا أخلاق لهم لا يعني أنّها صارت حكرا عليهم ولا بيتا لهم.. ولا يبرّر تركها لهم.. لأنّ ذلك ما يبتغون…
uحين استولى بن علي وزوجه وأصهاره وأنصاره ومقرّبوه على تونس لم ينسلخ أبناؤها منها.. وعندما يحتلّ بيتَك لصّ يبقى بيتَك، ولا يكون من المعقول ولا من المقبول أن تتركه له حتّى إن كان في نيّتك أن تبنيَ لك سكنا جديدا.. فقد يأتي يوم ويكون بيتك الجديد عرضة للاستيلاء من لصوص آخرين…
قيادة الاتّحاد تصرّ على تعقيد الأمور وإرباك البلاد في لحظة مصيرية.. وما فعلوه بمختلِف المرافق يفعلونه بالمرفق الصحّي وسيكونون عقبة في حرب بلادنا على الوباء... وربّما يتسبّبون بما يفعلون في موت كثير من التونسيّين…
يتحدّث الناس عن نقابيّين كثيرين من قطاع الصحّة اتّخذوا لهم في ديارهم صيدليات من الدواء الذي يسرقونه من صيدليات المستشفيات العموميّة التي استُؤمنوا عليها.. يبيعون الدواء المدعوم للمرضى ويتفضّلون به على مقرَّبيهم وويمنّون به على أصدقائهم.. ولك أن تتخيّل ما يفعلونه بالأجهزة الطبيّة وبكلّ ما تقع عليه أيديهم من مرافق الصحّة.. ممّا خفّ حمله وغلا ثمنه…
هؤلاء يعبثون بالمرفق العموميّ ويعبثون بإمكانياته الضعيفة ليضطرّوا الناس إلى اللجوء إلى الخواصّ لقاء ثمن لا يعلمه أحد.. لقد تسبّبوا في تدمير كثير من المستشفيات وإخلائها من شروط اللياقة الدنيا…
صحيح أنّنا بتنا نخشى على مرافقنا العامّة من هؤلاء المنحرفين.. ولكنّنا نحتاج إلى صبر المقاومين لنقضيَ على فساد معشّش في مفاصل الدولة حُماتُه هم أنفسُهم الذين يرفعون لواء الحرب عليه…
لعلّ ما فعله حرافيش النقابيين بالدكتور محمّد العفّاس خطوة من طريق العمل على فضح عصابة سيذكر التاريخ أنّها كانت في قيادة الثورة المضادّة لثورة شهدتها تونس سنة2011.