دعك من أغنية "عاش عاش الاتحاد" السمجة التي لا يتغنّى بها إلّا مستفيد أو مغفّل.. فالعيش للحياة والحرية والديمقراطيّة والعدالة، ولمن جاء بها وعمل عليها... ولاحياة لمن صادرها ومنعها.. واعتدى عليها…
القيادات النقابيّة التنفيذيّة التي تربّت في حجر بن علي جعلت من الاتّحاد واجهة ثانية للنظام النوفمبريّ بينما كان التجمّع الدستوري الديمقراطي هو واجهته الرئيسة…
الجميع يذكرون أنّ بن علي نجح في أن يجعل من الاتّحاد أشبه بوزارة تابعة له.. ولكم أن تعودوا إلى جريدة الشعب الناطقة باسم المنظّمة.. لم تكن تجعل صورة الأمين العام في أعلى صفحتها الأولى لأنّ المكان كان محجوزا دائما لرئيس الدولة بن علي.. وكم قرأنا من لافتات للاتحاد ظهرت فيها منظّمة حشّاد أداة دعاية للنظام ورئيسه.. حتّى لقد تجنّدت المنظمّة لدعمه في انتخابات تعلم أنّها صوريّة.. والتحقت في آخر الأمر بجوقة مناشدته.. وهذه حقائق يصرّ على إنكارها كثيرون ممّن يتخيّلون الاتّحاد طائفة ويتّخذونه هويّة…
خطورة الاتّحاد جاءت من كون قياداته الجهويّة والمحلية بقيت خارج مخدع بن علي.. استعصت عليه ولم يتمكّن من السيطرة عليها.. وعلى ظهر تلك القيادات قفز المكتب التنفيذي الموبوء كلّه إلى سفينة الثورة ليخرقها.. ولقد خرقها أكثر من مرّة…
- خرق الاتحاد سفينة الثورة لمّا دافع عن عبد السلام جراد "رأس شاشية بن علي" الثاني وشريك "عصابة السرّاق" ومنع القضاء من الوصول إليه رغم إجرامه…
- وخرقها لمّا استعمله انقلابيو الروز بالفاكية رأسً حربةٍ للانقلاب على حكومة الترويكا حتّى كادت البلاد تسقط في أتون حرب أهليّة بسبب انحيازه لطرف من أطراف الصراع…
- وخرقها لمّا قفز إلى مائدة الحوار الوطني واجهةً لأحزاب سياسية أخرجها الشعب من باب الصناديق فأعادها الاتّحاد من كوّة الحوار الوطنيّ…
- وخرقها لمّا تحوّل إلى قاطع طريق يفسد العمل ويعطّل الإنتاج ويخرّب المرافق ويطالب بزيادات لا أعمال تعادلها حتى سقطت البلاد في عجز متراكم…
- وخرقها لمّا تحوّل إلى حزب سياسيّ لا تجري عليه قوانين الأحزاب... يتحرّك داخل البلاد بلا رادع مثل طاووس في حديقة عامّة…
- وخرقها لمّا نصّب أمينه العامّ نورالدين الطبّوبي نفسه حَكَمًا على السياسيين يجرّحهم ويعدّلهم ويقوّمهم ويوبّخهم وهو الأميُّ الذي لا يحسن تفكيرا ولا تعبيرا ولا تقديرا ولا تقريرا…
- وخرقها لمّا سارع إلى مساندة قيس سعيد الذي يحتال لانتهاك دستور البلاد ليستوليَ على السلطات التي وزّعها بهدف الحيلولة دون عودة الدكتاتوريّة، لأجل أن يحقق أمينه العامّ مأربه الشخصي بالتمديد لنفسه عبر تنقيح الفصل 20 قانون المنظّمة الأساسيّ في التقاء مصالح مع الرئيس الذي لا يزال يحتال لانتهاك دستور البلاد…
- وخرق الاتحاد سفينة الثورة لما استولى عليه نور الدين الطبوبي وعصابته لحمل النقابيين في المجلس الوطني على تنقيح القانون ليبقى على رأس المنظّة يأكل ويشرب ويعيش الترف من جيوب التونسيين دون أن ينجز عملا يستحقّ عليه أجرا، كما لو أنّه أوتي عبقرية جعلته في ذلك المقام الذي لا يرقى إليه رئيس حكومة… رئيس الحكومة يحاسبه البرلمان… أمّا الطبّوبي فلا حسيب له.
لن ينجح قيس سعيد في إنفاذ انقلابه على الديمقراطيّة إلّا بمساعدة نور الدين الطبّوبي… فهل انتهى اتّحاد حشّاد إلى أداة يستعملها المستبدّون لتدمير السياسة؟ استعمل بن علي عبد السلام جراد لتأبيد حكمه… فهل ينجح قيس سعيد في استعمال الطبّوبي لتحقيق انقلابه؟