البلاد تعيش مشاكل جمّة.. كان يمكن، بحدّ أدنى من العقل والمسؤولية، أن تكون الجائحة فرصة لترميم بعض البنيان ولإزالة بعض العقبات ولتصحيح المسار.. ولكن تضاعفت المشاكل وتعكّرت الأجواء وتباعدت المسافات بين الفرقاء الشركاء…
رئيس الدولة بدل أن يكون حَكَمًا يعدّل الموازين ويصلح ذات البين ويقرّب بين الفرقاء اختار أن يكون هو بدوره مشكلا يضاعف من معاناة البلاد ويزيدها انقساما بدعوى أنّ لديه مشروعا.. وكلّما ظهر خطيبا دقّ، باسم المشروع، مسمارا في بعض الجدران كأنّ به رغبة جامحة لتخريب البيت وهدمه فوق رؤدوس الجميع…
مشروع إيش؟
من كان لديه مشروع فلينخرط في التنافس السياسي وليفعل من موقعه ما يفيد حتّى تتعاظم شعبيته.. أمّا ما يصرّح به الرئيس وما يعبر عنه بعض المستظلّين به من مجانين الواهمين فهو خيانة عظمى.. خيانة للثورة والبلاد والدستور.. وخيانة للنظام السياسي الذي جعل منه قيس سعيد سلّما صعد به إلى الكرسي ثمّ ها هو يبشّر بالانقلاب عليه…
لو أثار أنصار الرئيس الفوضى في البلاد بأيّ شكل من الأشكال لن يسكت عليهم أنصار المسار الديمقراطيّ سيتسببون في احتراب بين أبناء الشعب وستتدخّل دول أخرى للإجهاز على تجربتنا وتزرع أجهزةُ مخابراتها خلاياها الإرهابية وستنتقم منا الدول التي ظلّت ترى في الثورة التونسية "جمرة خبيثة".. ولن يكون مصير قيّس سعيّد أفضل من مصير القذّافي أو بشّار الأسد…
أحلام الرئيس ومحيطه ماتت مع العقيد معمّر القذّافي رحمه الله.. ليس بأفكاره ما يغري.. كلها من ميراث القذّافي.. المنظّر رضا لينين لم يخترع العجلة ولن يكون سوى حصان طروادة لتسلّل جمهرة المتضرّرين من الثورة القابعين في بعض الزوايا في انتظار "ساعة الصفر" للانقلاب على كلّ شيء.. وعلى قيس سعيد نفسه.